الإخوان المسلمون في سورية

دعوة إلى تطبيق الشريعة!!

رابتني بالأمس دعوة صدرت عن صاحبي منبرين فضائيين، توجها بها بالتهنئة للإدارة السورية الجديدة، وفقها الله، تهنئة مقرونة بدعوة مغلفة بغلاف نصيحة: أن ابدؤوا بتطبيق الشريعة!!
ذكرتني هذه الدعوة، بحكاية رجل أمي، وقف على رأس حلقة عالم يعلم الناس الدين والفقه، فجهر صائحاً على رؤوس الناس: اذكروا الله!! فرد عليه الفقيه المفقّه: ويحك فماذا نفعل إذن….؟؟
وإذا كان الفقيهان الفيسبوكيان المتبوعان من جماهير تم تدجينها، لا يدركان أن عموم العاملين لإنفاذ المشروع الإسلامي في سورية كانوا وما زالوا يعملون على إنفاذ الشريعة حسب أمر صاحب الشريعة؛ فعلى العلم والعقل العفاء!!
وهذا المقال في محاولته لتعليم معنى “إنفاذ الشريعة” هو من العمل على تطبيق الشريعة، وإن ساء ذلك بعض الذين لا يعلمون؟؟
لا أستطيع أن أنسب إلى أصحاب الدعوة للإدارة السورية الجديدة، أن عليهم أن يبادروا إلى تطبيق الشريعة، قولاً لم يسبقوا إليه، ولكنني أتساءل:
ألا يظن ذانك المأخوذان أن فتح أبواب تلك الزنازين المعتمة، وإحياء تلك النفوس المعرضة للقتل أو الهلاك، كان من تطبيق الشريعة، أو أن ذلك الفعل حسب فهمهم الهوائي، مجرد نافلة من نوافل القول أو الفعل أو حتى القربات!! ولعله عندهم أقل قربة من ركعتي ضحى تصليان والذراعان مسبلتان أو معقودتان فوق السرة أو تحتها….!!
هل إبعاد جاثوم الجريمة والظلم والاستبداد والخوف، عن صدور ملايين الناس هو من إنفاذ “الشريعة”؟ أو أن كل ذاك من الهزل الذي ليس له في ميزان الله حساب..!! تنفيذ الشريعة في حساباتهم أمر آخر!!
هل الاشتغال ليل نهار في الأخذ على يد مريب، أو تأمين خائف، أو إطعام جائع، أو سد ثغرة أو ثغر، أو قطع الطريق على أصحاب ريبة، أو احتواء بعض العجلين، أو مصادرة المفاسد وتقليلها، وتحقيق المصالح وتعظيمها، ومن ذلك جميل الكياسة، وحسن التعامل بالسياسة، واتقاء شر صاحب الشر بدفعه،؛ هل كل ذلك من إنفاذ الشريعة وتحقيقها والاشتغال بأولوياتها حسب مقتضاها,,, أم.!!
ولن أكتب كلمة بعد أم…
فما بين مقررات الشريعة بمقاصدها الجلية أن تحفظ على الناس كلياتهم، وبين ما ينبي عليه حال بعض المأخوذين الملهوفين المجتزئين؛ بون واسع ومدى شاسع…
وإذا ختمت مقالي بقولي: اذكروا الله.. فردوا عليّ ولا تبالوا: وماذا كنا نفعل إذن؟؟

مما تعلمته من كتب أهل العلم

قالوا: إذا نصحت إنسانا في أمر، فلم يقبل نصحك، وخالفك فيه، ثم ذاق عاقبة المخالفة، وتبين له أن الحق فيما قلت… يقول الصالحون: فليس من حق النصيحة أن تظل تقرّعه: ألم أقل لك؟؟ ألست أنت الذي خالفتني، وأطعت فلاناً؟؟ أو ركبت رأسك؟؟
قالوا: وإذا اختلفت مع إنسان على صِير أمر، فأنت رأيت أنه سيثمر خيراً، وهو خوّف أن عاقبته ستكون خسراً.. ومهما امتدت بكما اللجاجة والعناد، ثم أثبتت الأيام صوابك وخطأه، فمهما حاول أن يفيء إلى الحق فكن به مرحباً.. وافرش له طرف ردائك، وأجلسه على سريرك، وإذا شاركته طعامك، فأنحفه من أفضله…
ولا تظل تذكره بما كان من أيام لجاجه وعناده أو سوء اختياره…
فماذا بفعل الراشدين، وليس كريمَ القوم من يحملُ الحقدا…
وبيننا رجال أنا والله أفرحُ بفيئتهم إلى الحق الذي أكرمنا الله به…
أيها الناس تطامنوا فقد كان فضل الله علينا عظيماً…
ليس بأمانينا… ولا بما كسبت أيدينا.. وخيرنا الذي يجمعنا وليس الذي يفرقنا…

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي، قيادي سابق في جماعة الإخوان المسلمين في سورية