عادل عبد الله المطيري
لم يخطر على بال أحد أن تتجرأ بعض الدول العربية، وتقوم بإعادة تسويق نظام عربي فاسد وفاجر «كالنظام السوري»، مستهينة بتضحيات ومعاناة الشعوب العربية، وخصوصاً أن الشعب السوري لا يزال يعاني من القتل والتعذيب والتهجير على يد بشار وأعوانه، فكيف تهرول تلك الدول العربية إلى بشار بكل خنوع وهوان، معيدة لعلاقاتها الدبلوماسية معه.
ولكن «لو خُليت لخربت»، فقد جاءت مواقف بعض الدول العربية الأخرى باعثة للأمل منتصرة للشعوب المقهورة، معبرة عن رفضها المبدئي لعودة العلاقات مع نظام بشار المجرم، كالموقف الكويتي الرافض للتطبيع مع النظام السوري، والذي جاء على لسان نائب وزير الخارجية عندما قال: «لا عودة لعمل سفارة بلاده في دمشق إلا بعد قرار من الجامعة العربية»، وكذلك جاء الموقف القطري الأكثر وضوحاً، عندما أكد وزير خارجيتها: «أن بلاده لا ترى حاجة لإعادة فتح سفارتها في دمشق، وأنه لا توجد أية مؤشرات تشجع على تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية .. وأن أسباب تعليق عضوية وتجميد مشاركتها في الجامعة العربية ما زالت قائمة ولم تزل، فلا نرى هناك أي عامل مشجع لعودة سوريا .. وأن التطبيع مع النظام السوري في هذه المرحلة هو فقط تطبيع لشخص تورط في جرائم حرب».
لا يمكن تفسير سلوك تلك الدول العربية المطبّعة مع النظام السوري، إلا أنها نتاج عن سياسة شخصانية وعداوة غير مبررة مع الأتراك فقط، خصوصاً أن تلك المواقف جاءت بعد قرار الانسحاب الأميركي لصالح دور أكبر لتركيا، وبعد اجتماعات انعقدت بين ممثلين لقوات سوريا الديمقراطية الكردية من جهة، وبعض الدول الإقليمية من جهة أخرى.
ربما انزعج البعض من المكالمة الهاتفية بين ترمب وأردوغان، والتي أعلن بعدها سحب القوات الأميركية من سوريا لصالح نفوذ أكثر للأتراك، عندما قال ترمب: «سوريا كلها لك»!
يجب ألّا ينسى العرب أن الأتراك -وفي الوضع الاستراتيجي العربي الحالي- هم من يقوم بدور «العامل الموازن» مع الإيرانيين والروس في شمال المنطقة العربية، بل ويوفرون الحماية لكثير من النازحين السوريين في مناطق خفض التوتر التابعة لهم، ناهيك عن ملايين اللاجئين السوريين في الداخل التركي، وبدون الوجود التركي، سيكتسح الأسد وحلفاؤه الروس والإيرانيون مرة أخرى كل الشمال العربي من العراق إلى لبنان.
ختاماً: بالنسبة للمطبّعين السياسيين، فإن المثل العربي: «وافق شنٌّ طبقة» يفسر لنا الأمر، ولكن الموقف الصادم جاء من اتحاد المحامين العرب، وزيارته المفاجئة للمجرم بشار الأسد، والتطبيع مع نظامه ومساندته، وبالتأكيد هذا الموقف المشين لا يمكن تبريره، فهو مؤلم جداً للشعوب العربية، التي من المفروض أن يقفوا معها ضد الطغيان والظلم، إلا أنهم تحولوا إلى محامين للشيطان.
الخلاصة: بدأت تسقط حجج من يرفع شعار محاربة التدخلات الإيرانية وتهديدات حزب الله وهو يساند سوريا الأسد، وبذلك تتكشف الحقيقة والأهداف، وهي وقف الحراك الديمقراطي الشعبي تحت شعارات مغايرة.
العرب القطرية