بسم الله الرحمن الرحيم
تمرّ بلادنا سورية وثورة شعبنا السوريّ، بظروف دولية بالغة التعقيد، وتطورات إقليمية شديدة الحساسية، تتّجه نحو تقاسم دوليّ للنفوذ على الأرض السورية، وعدم الاعتراف بحقوق شعبنا، ومحاولة تطويعه، للقبول بنظامٍ فرض عليه أن يختار بين الهجرة والتشرد، وبين الضرب بالكيماوي والبراميل المتفجرة والموت تحت الأنقاض.
وفي هذه الظروف الاستثنائية الصعبة، والإجرام المنفلت من كل عقال، دون أن يجدَ رادعاً من قِيَم إنسانية أو قانون دولي… تمّ عقد الدورة السابعة لمجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في سورية.
وانطلاقا من القِيَم التي تأسّست عليها الجماعة، وتعبيراً عن المصلحة العليا لشعبنا في سورية نؤكد ما يلي:
1. لقد كان دور جماعتنا -وما يزال- واضحاً في دعم ثورة الشعب السوري الوطنية، التي تبتغي الحرية والكرامة، وتعمل على توحيد الصفوف، وتجميع القوى ضمن المشروع الوطني ما استطاعت إلى ذلك سبيلا.
2. نؤكد على موقفنا الثابت، في رفض بقاء بشار الأسد، وأجهزته الأمنية القمعية، في أيّ مرحلة من مراحل سورية المستقبل، ونؤكّد أن بقاء الأسد وأركان نظامه وأجهزته الأمنية القمعية، يعني استمرار الفوضى والقتل والتدمير في المنطقة كلها.
3. نعلن تمسّكنا بالحلّ السياسي الذي يعتمد المرجعيات الدولية والهيئات الوطنية (الائتلاف الوطني، والهيئة العليا للمفاوضات) ونتمسك بثوابت الثورة الصادرة عن المجلس الإسلامي السوري، والمعتمدة من قوى الثورة والمعارضة.
4. ننظر للعملية السياسية بشكل شامل، ونعتبر أنّ كلّ خطوة فيها تستند إلى ما قبلها وتدعم ما بعدها، لذلك نرى أنّ التعامل مع اللجنة الدستورية، يجب أن يتمّ ضمن عملية انتقال سياسي شاملة، حسب القرارات الأممية والمحدّدات التي توافقت عليها قوى الثورة والمعارضة؛ أمّا إجراء الانتخابات في ظل التهجير القسري والتغيير الديموغرافي، فهو تزوير مرفوض لإرادة الشعب السوري.
5. في القضية الكردية نعتبر الإخوة الكرد مكوّناً أصيلاً من مكونات الشعب السوري لهم كامل حقوق المواطنة، بالإضافة إلى حق التعبير عن خصوصيّتهم وحقوقهم الثقافية والاجتماعية، في إطار وحدة الوطن وتماسكه. ونتمسّك بوحدة التراب السوري، ونرفض كل المساعي الانفصالية من الـ PYD أو من أيّ جهة أخرى من مكونات الشعب السوري.
6. ما زالت روسيا وإيران تخوضان في دماء الشعب السوري، دعماً لنظام الأسد ومنعاً لسقوطه، وتشاركه في ارتكاب الجرائم الوحشية بحق أبناء الشعب، ونحن نعتبرهما احتلالاً عسكرياً غاشماً تجب مقاومته، ولا نعتقد بجدوى أي حل سياسيّ يمرّ من خلالهما.
7. فيما يخصّ عملية غصن الزيتون فإننا نرى أن توفير الأمن لمدينة عفرين وريفها أمر مهم وضروري للثورة، وإنّنا نُشيد بدور الجيش الحرّ والقوات التركية الداعمة له، في حفظ الأمن وتجنب استهداف المدنيين، ونرى في هذا الدور قطعاً للطريق على دخول الأطراف المعادية للشعب السوري إلى المنطقة.
8. ندين جميع الجرائم التي يرتكبها النظام بحق الشعب السوري، والتي كان آخرها مجزرة الكيماوي في دوما، التي أثارت الضمير العالمي، وسوف نتعاون مع جميع السوريين وأحرار العالم لمحاكمته، هو وزمرته، وكلّ من ارتكب جرائم بحق الشعب السوري، ونستنكر الدور الروسي البشع، والسقوط الأخلاقي المُريع باستخدام الفيتو للمرة الثانية عشرة، ووقوفه مع المجرمين ضد الضحايا المدنيين العُزَّل، ونهيب بالمجتمع الدولي لاتخاذ الخطوات اللازمة للقضاء على هذا النظام المجرم لإنقاذ حياة المدنيين الأبرياء.
9. ندين جرائم التهجير القسري التي يقوم بها الأسد بدعم من روسيا وإيران في المناطق التي يجري اقتحامها عسكرياً، وهي مخطط ممنهج لتغيير التركيبة السكانية السورية، وما ارتكب في الغوطة الشرقية مؤخراً أكبر مثال على ذلك، وإن الحديث عن حلّ سياسي في ظلّ هذه الجرائم هو عبث وتلاعب بمصير الشعب السوري. وبهذا الصدد نستنكر إصدار المرسوم رقم (10) لعام 2018 الذي يتلاعب بحقوق ملكية هؤلاء المهجرين لبيوتهم وممتلكاتهم التي أجبرهم النظام على تركها، ونعتبر ذلك انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، يجب التعامل معه بكلّ حزم.
وأخيراً، فقد قدّم شعبنا السوري التضحيات الكبيرة على جميع المستويات: شهداء ومعتقلين ولاجئين، وهذه ملفات إنسانية لا بدّ من معالجتها قبل أي حلّ سياسي.
يا أحبابنا المرابطين في مدنهم وقراهم وبلداتهم…
يا أبناءنا وبناتنا النازحين داخل سورية الحبيبة…
ويا أهلنا المهجّرين خارج حدود الوطن…
لقد سجَّلتم وأنتم على مشارف العام الثامن للثورة، ملاحم البطولة والصمود، بعزيمة لا تلين، وأملٍ بالله لا ينقطع، وأنتم تعلمون أن الحرية لا توُهبُ، لكنها تنُالُ بالعزيمة والتضحيات والشهداء والدماء والدموع.. ولم تنتصر الثورات الكبرى في العالم إلاّ بعد سنين طويلة من قيامها، فلا تيأسوا من روح الله مهما ادلهمّت الخطوب، أنتم أصحاب حق، وأنتم الأقوى مهما انتفش الباطل وقتل وبطش.
ونحن نعاهدكم أن نبقى أوفياء لكم ولثورتكم، ولدماء الشهداء الطاهرة وتضحيات شعبنا الجسام، ولن يهدأ لنا بال، ولن تفترَ لنا عزيمة، حتى ينال شعبنا حقوقه العادلة في الحرية والكرامة.
((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسولُه والمؤمنون، وستُرَدّون إلى عالم الغيب والشهادة فيُنبئُكم بما كُنتم تعْملون)) التوبة 105.
والله أكبر ولله الحمد
15 نيسان/أبريل 2018 مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في سورية