ومع استرسال حلقات الربيع العربي من مجتمع عربي إلى آخر عربي وأعجمي. وانطلاق الحراكات الجميلة في كل من الجزائر والسودان والعراق ولبنان.. يعود بعض من يدعون أنهم “محللون” على المستويين القومي والوطني إلى اتهام الربيع العربي، وتحقير ثواره الميامين، بأنّ ربيعهم كان عنيفاً، وأن أساليبهم كانت بدائية قاسية انتقامية متوحشة.. ثم يجرون المقارنات والمداولات ليخرجوا بإدانات تحكمية مطلقة، تعتمد على التزييف والتشويه، والمراهنة على عمق الجراح في اللحظة التي انتفش فيها الباطل أو كاد.
يقفز أصحاب ذاكرة السمك هؤلاء عن كل معطيات الواقع التاريخي اليومي للثورات الشعبية العربية، منذ انطلاقها، يتناسون الأيام والليالي الطوال، وأسلحة الطغاة تعمل فتكاً في أجسادهم وأجساد نسائهم وأطفالهم وهم صامدون صابرون..
يشكّل التاريخ الواقعي اليومي لكل حدث الأرضية الصلبة، والشاهد الصادق لكل مؤرخ أو محلل موضوعي يريد أن يتّسم ما يصدر عنه بالمصداقية وبالموضوعية والاحترام. وإن وأي محاولة للقفز فوق هذا الواقع أو تجاوزه والعبث فيه، ستكون جسرا لإدانة صاحبها والكشف عن انحيازه وعواره وتجنّيه..
لم تشهد الساحات العربية ولا الدولية مجتمعا أكثر نبلاً وجرأةً وشجاعةً من مجتمعاتنا في سورية واليمن وليبية. كما لم تشهد الثورات العربية ثورة أكثر سلمية وعزماً وتصميماً على بلوغ الهدف من ثورة المجتمعات العربية في سورية واليمن وليبية حيث ذهب الطغاة في طغيانهم وتوحشهم بعيدا، وصمدت الشعوب في وجه طغيانهم وتغولهم طويلاً. وعلى قدر تغوّل المجرم وانفلاته من كل القيم، وشعوره بالغطرسة مع كثرة داعميه تزداد قيمة ما يحسب للمجتمعات من نبل وقوة وصبر وثبات..!!
نقول لكل المشككين في مجتمعاتنا الحرة الأبية الثائرة عودوا إلى “روزنامة ” الثورات اليومية وتابعوا أيامها يوماً بعد يوم..
ثم أحصوا مدّ الثورة كيف كان يتعاظم، وحملة رايتها كيف كانوا يزيدون، ورقعتها كيف كانت تمتد.. من قرية إلى قرية ومن بلدة إلى بلدة ومن مدينة إلى مدينة ومن حيّ إلى حيّ ومن زنقة إلى زنقة ومن دار إلى دار.
ثم أحصوا كذلك عدد الشهداء الذين كانوا يسقطون كل يوم، ادرسوا جيداً القوائم المئوية اليومية وتعدادها من الشباب والصبايا والأطفال.. ثم عودوا إلينا بجواب: هل من مجتمع صبر على سلمية حراكه كما صبرت هذه المجتمعات؟!
ينادي معمر القذافي: شدوا الجرذان.. يجيبه بشار الأسد: الجراثيم.. الجراثيم، يتابعهم صالح: فاتكم القطار .. فاتكم القطار..
هل من متظاهرين ظلوا يرشّون على قاتليهم ماء الزهر كما فعل المتظاهرون السوريون أو اليمنيون أو الليبيون..
“حمزة الخطيب وهاجر الشرعي” أنموذجين ليس لجريمة الزمرة الأسدية فقط، بل لجريمتكم أيها المدلّسون أيضاً حين تدلسون..
كل المتظاهرين في الساحات العربية كانت أسلحتهم حناجرهم تهتف لله وللحرية والعدل وللشعب الواحد وللغد المشرق الجميل.. كما تهتف لرحيل الظلمة والقتلة والفاسدين..
الفاسدون الذين كنتم وما زلتم بعض أدواتهم أيها الشائهون المشوهّون. هذه حقائق يجب أن نظل نذكّر بها حتى لا يطويها الحاقدون الكاذبون بحقدهم وإفكهم وزورهم.. نذكركّم لعلكم تذكرون..