كثير من الناس، لا سيما الشيوخ منهم والمصابون بأمراض مزمنة، يحتاجون إلى تناول الأدوية في أوقات متقاربة، فإذا احتاج أحدهم إلى دواء ولم يستطع أن يحصّله، كما لو أنه كان ملازماً بيته لا يملك أن يذهب إلى صيدلية قريبة، وهو ما يعانيه اليوم كثيرون بسبب الحجر الصحي في زمن الكورونا… تمنّى لو كان قد ادّخر من هذا الدواء مقداراً كبيراً يجده أمامه في هذه الفترة العصيبة.
ألا يذكّرنا هذا بموقف جدِّ خطير، حين سنقف بين يدي الله ونرى ميزان حسناتنا يطيش أمام معاصينا فنتمنّى لو تداركنا الأمر ورجعنا إلى الدنيا لندّخر “كمية من الحسنات” ونتطهّر من المعاصي فنلقى الله ونحن سالمون، وليست السلامة هنا بالأبدان السليمة بل بالقلوب السليمة: ((يومَ لا ينفع مال ولا بنون، إلا مَن أتى الله بقلب سليم)). {سورة الشعراء: 88، 89}.
نعم، في ذلك اليوم يتمنى الكافر لو أنه قد اتّبع هدى الله الذي جاء به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ويتمنى المؤمن الذي عصى ربه، واتّبع الشهوات، لو أنه كان ذاكراً لله، عابداً صالحاً: ((يأيها الذين آمنوا لا تُلْهِكُم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله. ومَن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون. وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدَكم الموتُ فيقول: ربِّ لولا أخّرتني إلى أجل قريب فأصّدَّق وأكنْ من الصالحين)). {سورة المنافقون: 9، 10}. ((حتى إذا جاء أحدهم الموتُ قال: ربّ ارجعونِ لعلّي أعمل صالحاً فيما تركت)). {سورة المؤمنون: 99، 100}.
فهلّا تداركنا مصيرنا فنظرنا إلى ما اقترفنا من سيئات: أكلنا مالاً حراماً، أو اعتدينا على عرض مسلم فذكرناه بما يكره، أو سخرنا منه… أو قصّرنا في طاعةٍ من صدقةٍ أو صيام أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو جهاد في سبيل الله، أو إصلاح بين الناس.
أمامنا، والله أعلم، دقائق أو ساعات، أو أيام أو شهور أو سنون… فلنتطهّر فيها من معاصينا كما نطهّر أيدينا اليوم من الفيروس، ولنتزوّد بالطاعات كما نتزوّد بالمؤن والأغذية والأدوية… فما أقصر هذه الحياة!! ((قال: كم لبثتم في الأرض عدد سنين؟. قالوا: لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادّين. قال: إنْ لبثتم إلا قليلاً، لو أنكم كنتم تعلمون. أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا تُرجعون؟!)). {سورة المؤمنون: 112-115}.