زهير سالم
يروون أن سيدنا عمر رضي الله عنه إذا حزبه أمر جمع له أهل الشورى من مشيخة بدر. ذلك أن سيدنا عمر كان يصبح ويمسي وأكبر همه أمر المسلمين؛ حتى يرى جيشهم على بعد آلاف الأميال فينادي؛ يا سارية الجبلَ …الجبلَ، أي عليك بالجبل ركناً ومستنداً.
منذ سمعت قرار الرئيس ترامب سحب قواته المحتلة لأرضنا السورية وأنا أقلب الخبر من حيث جديته وحقيقة تنفيذه وأبعاده وتداعياته وانعكاساته على شعبنا وثورتنا وتحدياته التي يفرضها علينا وما يجب أن نقول فيه وما يجب أن نعد للتعامل مع آثاره ..
أقدر ثم أعيد التقدير مرة بعد مرة وفِي كل مرة يشتعل في قلبي نار تحرقاً إلى مجموعة من رجال يفكرون ويقدرون ونقلب الأمر وجهاً لبطن ومن ساس إلى راس ومن اليوم إلى الغد لنصدر في هذا الحدث الكبير عن رأي يكون هو الرأي
وأتذكر قول من قال:
وقد كنت ذَا مال كثير وإخوة
فقد تركوني واحداً لا أخا ليا
وكل الذي يهمني الآن جواب سؤال:
من سيسد الفراغ الذي تتركه القوات الأمريكية على الأرض السورية؟؟؟
الفصائل الإرهابية من كل الخلفيات الدينية أو المذهبية أو العرقية؟ ..أم الفصائل الثورية المتقاعدة والمنسقة بالمفهوم العسكري؟؟ أم الصديق التركي مشكوراً وإلى أي عمق؛ وهل يمكن مثلاً أن يمتد طيفه إلى قاعدة التنف مثلاً؟! أم وهذه التي بت أخشى منها وأحذر هل ستسلم المنطقة بجملتها إلى الروسي والإيراني والأسدي؟!
هل سيعيد الإرهابيون العنصريون تحالفهم مع الروس بالانتقال من فراش إلى فراش حتى بدون فترة عدة تقدر عادة للإماء والجواري؟!
وفِي وقت تتراقص شياطين الاحتمالات في مخيلة كل سوري يأخذ أمر وطنه بجد لا بد أن تعصمنا بعض الثوابت التي لا بد أن تحشد في سياق التغير الكبير.
أولاً: نحن ضد كل أشكال الإرهاب في العالم أجمع وفِي وطننا سورية. ونعتقد أن الإرهابي الأول في وطننا هو بشار الأسد وميليشياته، بشار الأسد هو الذي استورد واستنبت ودعم كل منظمات الإرهاب.
ثانياً: نحن ضد كل صور الاحتلال على الأرض السوري ونعتبر الاحتلال الإيراني الإحلالي بأبعاده الثقافية والمذهبية الطائفية الإرهابية أبشع أنواع هذا الاحتلال وأولاها بالحرب والإدانة.
ثالثاً: نحن مع خروج كل القوات الأجنبية من وطننا بطريقة متزامنة لا نؤيد ذلك فقط بل نطالب به ونلح عليه.
إن انسحاب بعض قوى الشر وبقاء بعض يعني فيما يعني أن المنسحب يعطي للباقي مشروعية الانفلات بلا لجام ولا خطام على مستشفياتنا ومدارسنا ومساجدنا ليستكمل اللاحق ما لم تصل إليه يد السابق.
ولقد كان دور التدخل الأمريكي وتحالفه الذي يعلن انتصاره على الاٍرهاب في وطننا أن يحمي الإرهابيين ويدعمهم حتى ظن أن الأمر استقر لهم في شخص مجرم الحرب بشار الأسد قرر أن يترك له ولشريكيه الروسي والإيراني استكمال ما بدأ من قتل وتدمير وتهجير.
عديدون كانوا يقولون لي أنت تبالغ في الحديث عن الحرب التظاهرية بين الولايات المتحدة وإيران!!
وأقول هذا برهاني الولايات المتحدة تغادر والإرهابي الثأري الإيراني المحتل يتعزز ويتمدد.
والمرجو من قوى الثورة والمعارضة أن تكون لها مبادرة سورية ببعد وطني يسد الثغرة وتملأ الفراغ.
عسى أن يكون الجميع قد استفادوا من دورس مما كان منهم وعليهم.
والمرجو من القيادة التركية التي هي الأمل الوحيد المتبقي للسوريين – بعد أملهم في الله – مبادرة جادة تسد الفراغ وتحمي الجار والدار. وتطوي الصفحة وتعطي الفرصة وتبني على معطيات الحضارة والتاريخ.
السوريون ليسوا بحاجة إلى رجال يقاتلون عنهم وإنما هم بحاجة إلى مبادرة حكمة تقدر وتدبر وتستعين بالله وتعينهم ..
وربنا الرحمن المستعان.