الإخوان المسلمون في سورية

استخفاف الطاغية قومه ضعاف الإيمان

د. علي العتوم

 

قال تعالى: “ونادى فرعونُ في قومِه، قال: يا قومِ أليسَ لي مُلْكُ مصرَ وهذهِ الأنهارُ تجري من تحتي، أفلا تُبْصِرونَ؟! أمْ أنا خيرٌ من هذا الذي هو مَهِينٌ، ولا يكادُ يُبِين. فلولا أُلْقِيَ عليه أسْوِرَةٌ من ذهبٍ، أو جاءَ معه الملائكةُ مُقْتَرِنِينَ. فاستخفَّ قومَه فأطاعوهُ، إنّهم كانُوا قوماً فاسِقِينَ. فلمّا آسفُونا انتقمْنا منهم، فأغرقناهم أجمعين. فجعلناهم سَلفاً ومَثَلاً للآخِرِين” (سورة الأعراف: 51-56).

تعليقات:

 

  1. التعريف:

 

فرعون: ملكُ مصر الأكبر، وهو لقبٌ يُطْلقُ على مَنْ كان يحكم مصر. وهو من أشدِّ الطغاة في تاريخ البشرية إذ كان يدّعي الألوهية وأنّه الربُّ الأكبر في هذا العالم، وكان يسومُ قومَه خسفاً، ولاسيّما بني “إسرائيل” الذين كان يُقتِّلُ أبناءهم ويُبقِي نساءهم إذلالاً لهم وامتهاناً ولأنّه سَمِعَ من الذينَ يتنبّؤونَ له أنّ صبيّاً من بني “إسرائيل” سيكون مَهْلكه على يديه. وبالفعل عندما أُرْسِل سيّدنا موسى إليه وقد أعرضَ عن الدعوة أشدَّ إعراض وتجبّرَ عاقبه الله بالغرق والإهلاك هو ومَنْ يتّبعه.

 

  1. المعاني:

 

لي مُلْك مصر: مملكتي الممتدة فيها، بما فيها من أنهار فيحاء وحدائق غنّاء. مَهِين ولا يكاد يُبِين: حقير، وليسَ فصيحاً، قالوا للثغةٍ من أمرِ الجمرة التي لحَسَها وهو صغير. أسوِرَة: جمع سِوار كغُراب وأغربة. مقترنين: مجتمعين من أمامه ومن خلفه كشأن ملوك الدنيا ورؤسائها. استخفَّ قومه: استفزّهم واستصغر عقولهم. آسفونا: أغضبونا، أسخطونا. سَلفاً: مثالاً لِمَنْ يأتي بعدهم.

 

  1. ما يستفاد من الآيات:

 

أ- الزعماء الأشرار يتفاخرونَ على الأخيار في أوطانهم بما لديهم من مُلْك وجاه ومتاع. وكُلُّ هذه لا تساوي شيئاً في عين الله أمامَ ما عندَ أولئكَ الأخيار من دينٍ قويمٍ ودعوةٍ إلى اللهِ، كريمة صادعة.

 

ب- الزعماء الجاهليون يتّهمونَ الرسل وأتباعهم بالمسكنة والهَوان وضعف الحُجّة أمام جاههم العريض من سلطان وحَشَمٍ وأتباع، وما عندهم من رِياشٍ وأثاث، وزينة وحُلِي يلبسونها كما تلبس النساء.

 

ج- الشعوبُ غير المؤمنة وذات العقيدة الفاسدة، سهلٌ استتباعُها من الطغاة كقطعان الماشية أو استجرارُها كالدوابّ يستركبونها، وتجوز عليها ادّعاءاتهم حتى ولو كانت الألوهية.

 

د- عندما يتجبّر الطغاةُ ويتطاولون على الناس وتتبعهم شعوبهم البلهاء كالأغنام، يستحقُّونَ غضبَ ربّهم فيأخذهم أخذَ عزيزٍ مقتدر كما فعل بفرعون، إذ أغرقه في البحر ونجّى موسى وقومه.

 

هـ- في نهايات الطغاة قديماً وحديثاً دروسٌ لِمَنْ أراد أنْ يتّعظ أو يعتبر، إذ عاقبتهم البوار والدمار، وعواقب الدعاة الفوز والنجاة.

 

و- على فرعون وأمثاله من الطغاة لعائنُ الله في الدنيا والأخرى، فهو كما يقول ابن كثير أمام اتّهامه لموسى: (والحقيرَ المهينَ خِلْقَةً وخُلُقاً وديناً، وموسى هو الشريف الرئيس الصادق البارّ الراشد).

إخوان سورية

7 comments