الإخوان المسلمون في سورية

المشروع الإيرانيّ الصفويّ الفارسيّ.. مقدّماته، وأخطاره، ووسائل التصدّي له (2)

الحلقة الثانية

(هذا الكتاب كتبته ونشرته في عام 2004م، وأعدت نشره في عام 2010م، بعد إدخال بعض التعديلات والإضافات عليه، وأعيد نشره الآن في عام 2022م، لأذكِّر المزاودين على الحركة الإسلامية السورية والمفترين والعملاء، أفراداً ودولاً ووسائل إعلامٍ وقنواتٍ فضائيةٍ مشبوهة.. أننا أول مَن حَذّر المسلمين والعالَم من خطر المشروع الإيرانيّ الفارسيّ الصفويّ الإجراميّ، على سورية والأمّتين العربية والإسلامية، وأول مَن قاوَمَه وفضح أصحابه وأساطينه، وما نزال، فيما كان المزاودون والمفترون علينا اليوم، ينعمون بالدفء في أحضان أصحاب هذا المشروع، أو كانوا عملاءهم وأحبّاءهم، أو ممالئيهم ومناصريهم، أو شياطينهم الخُرس المغفّلين).
* * *
الفصل الأول
أولاً: المدخل: تصدير الثورة الصفوية الفارسية، والخطة الخمسينية:
1- الخطة تستهدف أهل السنّة داخل إيران وخارجها.
2- تعتمد الخطة على تحسين العلاقات مع الآخرين.
3- زيادة النفوذ الشيعيّ في مناطق أهل السنة.
4- توزَّع الخطة على خمس مراحل، مدة كل مرحلةٍ عشرُ سنوات:
أ- المرحلة الأولى (مرحلة التأسيس ورعاية الجذور).
ب- المرحلة الثانية (مرحلة البداية).
ج- المرحلة الثالثة (مرحلة الانطلاق).
د- المرحلة الرابعة (بداية قطف الثمار).
هـ- المرحلة الخامسة (مرحلة النضج).

أولاً: المدخل

تصدير الثورة الصفوية الفارسية، والخطة الخمسينية

نشرت بعض المراكز المعلوماتية والاستخبارية الخاصة تحت عنوان: (الخطة السرّية للآيات في ضوء الواقع الجديد)، نصَّ رسالةٍ موجَّهةٍ من (مجلس الشورى للثورة الثقافية الإيرانية) إلى المحافظين في الولايات الإيرانية، وذلك في عهد الرئيس الإيرانيّ (خاتمي)، وقد حصلت المراكز المذكورة على تلك الرسالة الخطيرة من (رابطة أهل السنة في إيران – مكتب لندن)، التي عرضها وعلّق عليها: السيد (الدكتور عبد الرحيم البلوشي).. ومما جاء في تلك الرسالة:
[لقد قامت، بفضل الله، دولة الاثني عشرية في إيران بعد عقودٍ عديدة، وبتضحية أمة الإمام الباسلة، ولذلك، فنحن -بناءً على إرشادات الزعماء الشيعة المبجَّلين- نحمل واجباً خطيراً وثقيلاً، هو (تصدير الثورة)، وعلينا أن نعترفَ بأنّ حكومتنا -فضلاً عن مهمّتها في حفظ استقلال البلاد وحقوق الشعب- فهي حكومة مذهبية، ويجب أن نجعلَ تصدير الثورة على رأس الأولويات، لكن نظراً للوضع العالميّ الحاليّ، وبسبب القوانين الدولية -كما اصطُلح على تسميتها- لا يمكن تصدير الثورة، بل ربما اقترن ذلك بأخطارٍ جسيمةٍ مدمِّرة.. ولهذا، فإننا وضعنا (خطةً خمسينيةً) تشمل خمس مراحل، مدة كل مرحلةٍ عشر سنوات، لنقوم بتصدير الثورة (الإسلامية) إلى جميع الدول المجاورة، لأنّ الخطر الذي يواجهنا من الحكّام ذوي الأصول السنيّة، أكبر بكثيرٍ من الخطر الذي يواجهنا من الشرق والغرب، لأنّ أهل السنّة هم الأعداء الأصليون لولاية الفقيه والأئمّة المعصومين، وإنّ سيطرتنا على هذه الدول تعني السيطرة على نصف العالم، ولتنفيذ هذه الخطة الخمسينية، يجب علينا أولاً، أن نُحَسِّن علاقاتنا مع دول الجوار، ويجب أن يكونَ هناك احترام متبادل وعلاقة وثيقة وصداقة بيننا وبينهم.. وإنّ الهدف هو فقط (تصدير الثورة)، وعندئذ نستطيع أن نُظهر قيامنا في جميع الدول، وسنتقدّم إلى عالم الكفر بقوةٍ أكبر، ونزيّن العالم بنور التشيّع، حتى ظهور المهديّ المنتَظَر]!.. (ا هـ).
منذ أن انتصرت الثورة الشيعية في إيران عام 1979م، صرّح زعماؤها، أولهم مرشد الثورة وزعيمها: الخميني، بأنهم لن يقفوا في ثورتهم عند حدود إيران، بل سيعملون على نشرها في بلدان العالَمَيْن: العربيّ والإسلاميّ، وبخاصةٍ في العراق ودول الخليج العربيّ ولبنان، ورفعوا شعاراً علنياً هو شعار: (تصدير الثورة)، وأعلن الخميني ذلك بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لانتصار ثورته، أي بتاريخ 11/2/1980م، إذ قال: (إننا نعمل على تصدير ثورتنا إلى مختلف أنحاء العالَم)!.. ولتحقيق هذه الغاية، قاموا بتشكيل المنظمات الداخلية والخارجية، التي قامت بانتهاكاتٍ وأعمال عنفٍ في بعض البلدان العربية، كالكويت والسعودية ولبنان.
عقيدة (تصدير الثورة) الإيرانية نابعة من أمرين اثنين: النـزعة القومية الإيرانية المناكِفة للعرب، والعقيدة الشيعية الإمامية، التي (تعتبر أهلَ السنّة (نواصب) كفاراً ينبغي قتالهم وقتلهم، أو تغيير دينهم إلى دين الشيعة الإمامية)!.. لكنّ وقوع الحرب العراقية الإيرانية التي هُزِمَت فيها إيران، ثم وفاة الخميني.. استدعى إعادةَ النظر في السياسة الثورية الانقلابية الإيرانية، بهدف ترتيب الأوضاع الداخلية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً بعد الهزيمة.. من جهة، وبهدف الاستجابة لمتطلّبات التحوّلات الدولية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفرّد الولايات المتحدة الأميركية بالهيمنة على العالَم.. من جهةٍ ثانية.
لذلك كان لا بد من تغيير التكتيك والأسلوب، مع بقاء الهدف الإستراتيجيّ قائماً: تصدير الثورة، لكن من غير ضجيجٍ أو إثارة ردود الأفعال السلبية محلياً وإقليمياً ودولياً!.. وهكذا –لتصدير الثورة بالتكتيك الجديد- رُسِمَت الخطة الخمسينية (أي مدتها خمسون سنة)، التي سُرِّبَت منذ سنوات، ونشرها مكتب لندن لرابطة أهل السنة في إيران، وأبرز ما جاء فيها من مَحاوِر:
1- الخطة تستهدف أهل السنّة داخل إيران وخارجها، وهي ذات صبغةٍ قوميةٍ فارسيةٍ ثقافيةٍ اجتماعيةٍ تاريخيةٍ سياسيةٍ اقتصادية دينية.
2- تعتمد الخطة على تحسين العلاقات مع الآخرين ما أمكن ذلك، وعلى نقل أعدادٍ من العملاء إلى الدول المستهدَفَة، وتجنيد عملاء مؤيّدين من شعوب هذه الدول المختَرَقة.
3- زيادة النفوذ الشيعيّ في مناطق أهل السنة، عن طريق بناء الحسينيات والجمعيات الخيرية والمراكز الثقافية والمؤسّسات الطبية والصحية، وتغيير التركيبة السكانية، بتشجيع الهجرة الشيعية إلى تلك المناطق، وبتهجير أهل تلك المناطق منها.
4- توزَّع الخطة على خمس مراحل، مدة كل مرحلةٍ عشرُ سنوات:
أ- المرحلة الأولى (مرحلة التأسيس ورعاية الجذور): إيجاد السكن والعمل لأبناء الشيعة المهاجرين إلى الدول المستهدَفَة، ثم إنشاء العلاقة والصداقة مع أصحاب رؤوس الأموال والمسؤلين الإداريين في تلك الدول، ثم محاولة خلخلة التركيبة السكانية عن طريق تشتيت مراكز تجمّعات أهل السنّة وإيجاد تجمّعاتٍ شيعيةٍ في الأماكن ذات الأهمية.
ب- المرحلة الثانية (مرحلة البداية): العمل من خلال القانون القائم وعدم محاولة تجاوزه، ومحاولة التسرّب إلى الأجهزة الأمنية والحكومية، والسعي للحصول على الجنسية المحلية للمهاجرين الشيعة.. ثم التركيز على إحداث الوقيعة بين علماء السنة (الوهابيين كما يطلقون عليهم)، والدولة، من خلال تحريض العلماء على المفاسد القائمة وتوزيع المنشورات باسمهم، وارتكاب أعمالٍ مريبةٍ نيابةً عنهم، وإثارة الاضطرابات.. ثم تحريض الدولة عليهم، وذلك كله، للوصول إلى هدف إثارة أهل السنّة على الحكومات، حتى تقمعَ تلك الحكومات أهلَ السنّة. فيتحقق انعدام الثقة بين الطرفين.
ج- المرحلة الثالثة (مرحلة الانطلاق): ترسيخ العلاقة بين الحكام والمهاجرين الشيعة العملاء، وتعميق التغلغل في أجهزة الدولة، وتشجيع هجرة رؤوس الأموال السنية إلى إيران، لتحقيق المعاملة بالمثل، ثم ضرب اقتصاديات تلك الدول، بعد السيطرة عليها.
د- المرحلة الرابعة (بداية قطف الثمار): التي تتميّز بالوصول إلى المواقع الحكومية الحسّاسة، وشراء الأراضي والعقارات، وازدياد سخط الشعوب السنيّة على الحكومات بسبب ازدياد نفوذ الأغراب الشيعة.
هـ- المرحلة الخامسة (مرحلة النضج): فيها تقع الاضطرابات الشديدة، وتفقد الدولة عوامل قوّتها (الأمن، والاقتصاد)، وبسبب الاضطرابات يتم اقتراح تأسيس (مجلسٍ شعبيٍ)، يسيطرون عليه ويقدّمون أنفسهم مخلِّصين لمساعدة الحكّام على ضبط البلاد، وبذلك يحاولون السيطرة بشكلٍ هادئٍ على مفاصل الدولة العليا، فيحقّقون هدف (تصدير الثورة) بهدوء.. وإن لم يتم ذلك، فإنهم يحرّضون على الثورة الشعبية، ثم يسرقون السلطة من الحكّام.
* * *
إننا حالياً (أي في عام 2004م) نشهد تنفيذ هذه الخطة الخمسينية الخبيثة بكل دقةٍ في بعض بلاد العرب والمسلمين، من مثل: العراق والكويت والبحرين واليمن وسورية ولبنان والأردن، والسودان وبعض الدول العربية في شماليّ إفريقية.. وغيرها!.. ولعل افتضاح أمرهم وقع بسبب خروجهم عن بعض محاور خطتهم الخمسينية الخبيثة في العراق، وبسبب ممالأتهم للمحتل الأميركي (الشيطان الأكبر) والعدو الصهيوني، ضد العرب والمسلمين.. فوقعوا في فخ أحقادهم، التي دفعتهم لارتكاب أفظع الجرائم وأشدها خِسّةً ونذالةً في بلاد الرافدين، ما أدى لتعبئة الرأي العام العربي والإسلامي ضدهم بعد انكشاف نواياهم وعقائدهم وخلفيات سلوكهم المشين البشع ضد الشعوب المسلمة.. بينما هم في سورية مثلاً، يُنفّذون خطتهم الخبيثة بكل تفاصيلها، تحت الحماية الكاملة التي يقدّمها لهم النظام الطائفيّ الحاكم، ضد سورية وشعبها.. وليس من المعقول أن يقفَ المسلمون متفرّجين على شعوبهم وبلدانهم وهي تسقط الواحدة تلو الأخرى، في أحضان أصحاب المشروع الصفويّ الفارسيّ المشبوه.. إذ لا بد من مشروعٍ مضادٍ يحمي الشعوب والأمّة والأوطان من هذا الشرّ المستطير القادم من بلاد فارس الصفوية، بالتواطؤ الكامل مع عصابة بشار أسد الخائن لوطنه وشعبه وأمّته!..
* * *
يتبع

د. محمد بسام يوسف