علي حسين باكير
التقى السيناتور الأميركي البارز ليندسي جراهام، الأسبوع الماضي، خلال زيارته إلى أنقرة برئيس الجمهورية ووزير الخارجية ووزير الدفاع، حيث تمّت مناقشة الملفات ذات الطابع المشترك، لا سيما الملف السوري، والانسحاب المزمع للقوات الأميركية، والعلاقات الأميركية- التركية بشكل عام.
قبل فترة وجيزة، قال جراهام إنه لا يريد لتركيا أن تذبح الأكراد بعد انسحاب القوات الأميركية، مشيراً إلى أن واشنطن تدعمهم، وأنّهم كانوا رأس الحربة في مواجهة «تنظيم الدولة». لكن في موقفه الجديد، قال جراهام في أنقرة إنّ هناك رابطاً واضحاً بين ميليشيات «بي واي دي/واي بي جي» الكردية التي سلّحتها الولايات المتحدة، وبين ميليشيات حزب العمال الكردستاني المصنفة إرهابية.
ولفت جراهام إلى أن على واشنطن أن تتعامل مع مشكلة وحدات حماية الشعب بشكل يرضي تركيا، وأن الانسحاب الأميركي يجب أن يخدم ثلاثة أهداف هي هزيمة «تنظيم الدولة»، ومنع انتصار إيران وحماية تركيا. هذه الوصفة تبدو مثالية تماماً، الجانب التركي أعجبه من دون شك الاستماع إلى تشخيص جراهام، وكان مرتاحاً جداً إلى حديثه، لكن السؤال الأساسي هو: «هل ستستطيع الولايات المتحدة المضي قدماً بهذه الوصفة مع تركيا»؟
جراهام سيناتور له وزنه في الحزب الجمهوري والكونجرس، كما أن لديه تأثيراً كبيراً على الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ولذلك يأمل الجانب التركي أن يستطيع السيناتور توظيف موقعه من أجل تحويل هذه الرؤية إلى سياسة أميركية، لكن مثل هذا الأمر دونه عقبات كثيرة باعتقادي. الرئيس الأميركي غير مأمون الجانب، وبإمكانه تغيير موقفه ١٨٠ درجة بشكل سريع وغير متوقع، زد على ذلك أن هناك انقساماً في الكونجرس حيال خطوة الرئيس الأميركي الانسحاب من سوريا، بالإضافة إلى نوع السياسة التي يجب اتباعها مع تركيا، ثم يضاف إلى ذلك عنصر ثالث، وهو توجهات المستشارين الأميركيين المتضاربة حيال الموقف من تركيا.
الاختبار الأول لطرح جراهام سيكون في منبج، فاتفاق منبج لم ينفّذ على الرغم من مرور حوالي 7 أشهر على إنجازه، لكن إذا ما نجح ذلك بالفعل فستكون خطوة إيجابية من دون شك، لكن المفتاح الأبرز لحل الأزمة بين واشنطن وأنقرة يكمن ربما في طرح الممثل الخاص للخارجية الأميركية إلى سوريا جيمس جفري، والذي من الممكن أن يشكل خطة عمل للشراكة الأميركية التركية في سوريا تلبي الأهداف الثلاث التي شرحها جراهام للمرحلة المقبلة.
يرى جيفري أن واشنطن بحاجة إلى العمل مع شركاء أقوياء في سوريا، وأن تركيا هي أقوى دول المنطقة من الناحيتين الاقتصادية والعسكرية، وسبق لها أن تعاونت مع الغرب، ولها مصلحة في الحفاظ على المنطقة الشمالية خالية من الجماعات المسلحة (داعش، وبي وأي دي والميليشيات التابعة لإيران أو الأسد)، كما يرى جفري أنه لا يمكن لواشنطن احتواء إيران في المنطقة من دون العمل مع تركيا.
جيفري كان قد شارك في شهر يوليو الماضي في وضع ورقة مع ثمانية باحثين آخرين تقترح تطبيق حظر جوي ومنطقة محظورة شمال شرق سوريا لمنع إيران من التمدد من جهة، وتخيير روسيا بين تحدّي هذا الواقع، أو التعاون من أجل التخلص من الأسد، وهي أهداف لا تخرج عمّا تريده تركيا في سوريا، وقد تشكّل أرضية للعمل المشترك بين البلدين في المرحلة المقبلة.
العرب القطرية