الإخوان المسلمون في سورية

حول توجه حماس للعودة إلى حضن سفاح الشام – بشار

بيان رسمي

وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا..
علّمنا التاريخ أن حركات كثيرة ظلت في سنوات تأسيسها، ملء سمع الناس وبصرهم، ثم آل بها الأمر إلى شتات وضياع، وتضييع وتفريط..
علّمتنا العقيدة والشريعة أن الصبر والمصابرة في ساعات العسرة، والتعالي على مقتضيات اللحظات الصعبة، ورفض إعطاء الدنية في دين أو في موقف، ورفض الركون إلى الظالمين الوالغين في دماء الناس وأعراضهم، هو شأن المؤمنين الصادقين الممسكين بأمر الله “وَلَا تَرْكَنُوٓاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ”..
منذ عشر سنوات فقط كانت “حركة حماس” ملء السمع والبصر، عندما اتخذت قرارها الصائب، فلملمت وجودها على الأرض السورية، في ظل القاتل بشار الأسد، وغادرت المشهد السوري العاصف، بكل جمال وكبرياء يليقان بحركة مجاهدة، نذرت نفسها لمقاومة الظالمين والجبارين..
لا ندري كيف تفسر “حركة حماس” لأبناء الأمة، وللتاريخ الفلسطيني وللشعب الفلسطيني،  المفجوعين المكلومين في وطن “عز الدين القسام نفسه”، بأنها في طريقها للعودة إلى حضن سفاح الشام بشار الأسد، وطلب العون منه وهو أعجز من أن يُعين نفسه..
لا نظننا نحتاج في هذا المقام أن نذكّر ناسياً ولا أن ننبّه غافلاً، حين نطالب بعض الأغرار بمراجعة تاريخ حافظ وبشار الأسد مع القضية الفلسطينية، وأي الفريقين كان أكثر نكاية في الشعب الفلسطيني، الصهيوني أم الأسدي، على مدى نصف قرن، والمقام يضيق عن السرد والتفصيل..
إنذار ربنا لكل الذين أحكموا ثم نقضوا وغيروا وبدلوا: “وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم”.. 
خوفنا وقلقنا على “حركة حماس” أكبر..
ولقد عايشنا منذ قرن حركات فلسطينية كثيرة زلّت وزالت وسيهيئ الله للقضية الفلسطينية من يحملها بصدق وعزم ووضوح..
ولاء شعبنا -الشعب السوري- للقضية الفلسطينية لا حدود له، ونعلم أن جلَّ ما نزل بنا من قتل وتدمير، هو عمل استباقي ضد الشعب العربي الأكثر حضوراً على الجيوسياسية والديمغرافيا الفلسطينية، نعلم هذا ونوقنه، ولكننا نرفض في الوقت نفسه أن تُختصر القضية الفلسطينية في حركة أو جبهة أو حزب، ونحيي كل شهداء القضية ابتداءً من رجال القسام، وانتهاءً بدم كل حرّ فلسطيني قضى مع قضيته في حفرة حي التضامن أو في فرع فلسطين!!
لا يريد السوريون شيئا من “حركة حماس” غير الصدق مع الله، ومع القضية ومع شعب فلسطين ثم مع أنفسهم..!! 
وحذرنا إخوتنا في الحركة من مغبة السير في هذا الطريق منذ أكثر من سنتين ونصف..
وقلنا لهم لا..
يا إخوة ليس الطريق هنالك..
الطريق إلى القدس لا يُتَخوضُ إليه في دماء أبناء بغداد والموصل ودمشق وحمص وحلب وطرابلس وصيدا وصنعاء وتعز..
وبكل الحزن والأسى والأسف والإحساس بالمسئولية التاريخية، نكتب هذه الكلمات، لنقول لكل الفلسطينيين الأحرار الأبرار من أصحاب الحق “المُمَسِّكينَ بالكتاب” نحن منكم ومعكم، وقضية حريتنا في سورية هي مقدمة أو نتيجة لقضية تحرير فلسطين..
وستبقى فلسطين بأرضها وتراثها وإنسانها هي حقيقة الصراع وجوهره في المنطقة التي نعيش، وفِي بلاد الشام خاصة..
وكلمتنا لإخوتنا في فلسطين كل فلسطين: دمنا دمكم، وهدمنا هدمكم، وبناؤنا بناؤكم، ومجدنا مجدكم..
ولن نصدق يوماً أن قاتلنا يمكن أن يكون ناصركم، ولا أنَّ مشردكم يمكن أن يكون ناصرنا وحامينا..
وبنفس المسئولية التاريخية نكتب لكل الذين رأوا في المشروع الصفوي المستهدف لعقيدة الأمة ووجودها وهويتها، موئلاً وناصراً ومعيناً.. وتمادوا في ذلك حتى سمّوا مدمّر العراق والشام واليمن شهيد القدس وكرروها ثلاثاً، على رسلكم فقد أسفر الصبح لذي عينين، وبالأمس كان حسن نصر الله يعترف أن قاسم سليماني القاتل الهالك هو الذي جلب الاحتلال الروسي لسورية.. الاحتلال الروسي الذي لا يوارب في حمايته للكيان الصهيوني..
بنفس الإحساس بالمسئولية الشرعية والتاريخية نقول لهؤلاء الذين انسدت سبلهم، وطاشت أحلامهم: نسأل الله أن يهديكم رشدكم وأن يصلح بالكم، وأن يدفع عنكم قصور القاصرين، وغرور المغرورين..
عاشت فلسطين حرة مسلمة عربية، وستبقى فلسطين مسلمة عربية حرة لا صهيونية ولا صفوية..
وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ..
والله أكبر ولله الحمد..
جماعة الإخوان المسلمين في سورية
٤ آب ٢٠٢٢م
٦ محرم ١٤٤٤ه‍

محرر الموقع