الإخوان المسلمون في سورية

حين يسقط الإعلام الوطني..

ثانياً ـ في الإعـلام

تجاوز العصر بمعطياته أشكال الإعلام المحلي الموجه، الذي تسيطر عليه حكومة أو حزب. وأصبح مثل هذا الخطاب قاصراً على من يطلقه، ودون أن يجد أذناً صاغية من أحد.
يشارك الإعلام المؤسسة التربوية في تكوين الرأي العام، والموقف العام من القضايا الكبرى وبالتالي توظيف كل ذلك في خدمة مشروع الأمة النهضوي.
إن أثر الإعلام العام، ينبع من مصداقيته ولعل الأسف يبلغ بنا مداه حين يسقط الإعلام الوطني فلا يثق به أحد.
إن ممارسة الإعلام بالأسلوب الذي ساد في فترة الخمسينات من القرن المنصرم غدا شاهداً على أصحابه بالتخلف والانغلاق والجمود. وهو من جهة أخرى قد أتاح لمصادر قد تكون مريبة للتدخل في تكوين الرأي العام الوطني من جملة القضايا العالمية والقومية والمحلية. من المصداقية ينبع التأثير، وقد لا تكون المصداقية دائماً في مصلحة من يملكون ناصية الخطاب، ولكن الأثر العام على مداه الطويل سيكون دائماً في مصلحتهم.
إن إعلاماً فاعلاً في القرن الحادي والعشرين ينبغي أن يقوم على المصداقية، والموضوعية، والالتزام بقضايا الأمة. وبالتالي ينبغي أن يكون إعلام حقيقة لا إعلام حكومة.
المطلوب من الإعلام أن يتابع السياسي توضيحاً وتسديداً وتفنيداً لا أن يكون حامل مكبر الصوت بين يديه بالمعنيين المادي والمعنوي.
ومن هنا ينبع الهدف الآخر للإعلام، هدف الإشارة إلى مواطن الضعف والخلل حيثما وقع.
فالإعلام الموضوعي والحرّ، يستطيع بأسلوب حضاري بناء، أن يضع كل شيء تحت الشمس. وفي أجواء الشفافية، تتوارى كل أشكال الفساد والعدوان وتجاوز القانون.
والإعلام في بعده الثالث، ليس إعلام حكومة أو فئة. إنه إعلام دولة، ووسائله بهذا المفهوم ينبغي أن تعبر عن آراء المواطنين جميعاً. هذه الوسائل التي ينفق عليها من المال العام هي جزء من الحق العام أيضاً. وفي ظل هذه الحالة يكون الإعلام خادماً للحقيقة، لا مزوراً لها يضع بين يدي المواطن أبعاد الموقف، ويقلب وجوه القضايا، ويعبر عن الآراء المختلفة، ويترك له أن يختار موقفه على بصيرة.
لسنا ندعو في سياق مشروعنا الحضاري إلى ضرب من الفوضى والعبثية. ولكن التعبير عن الحقيقة المفعم بالحيوية، والحوار الساخن في إطار حرية التعبير، والاحترام المتبادل لقواعد الخطاب الأساسية، كل ذلك مما يساعد على أن يكون /للدولة/ والمقصود هنا المصطلح بكل أبعاده، زاوية خاصة في عقول أبنائها. تخاطبهم من خلالها، وتوجه مواقفهم وسلوكهم على أساسها.

المصدر: المشروع السياسي لسورية المستقبل- رؤية جماعة الإخوان المسلمين في سورية | الجزء الأول: المنطلقات الفكرية والنظرية للمشروع السياسي | الباب السابع: في النظم والمناهج | الفصل الرابع: في المناهج | ثانياً: في الإعلام

محرر الموقع