الإخوان المسلمون في سورية

محاولات “إسرائيل” وإيران ايهامنا أنهما عدوان وليسا متنافسين على القصعة، التي هي نحن؛ لا يجوز أن تمرر أو تمر..!!

ولنقف جميعا بالمرصاد مع عمق الجراح..
والواقع نشهد وهو أبلغ شهادة من الكلمات..
وما أكتبه هنا ليس تثريباً ولا تخذيلاً وإنما هو محاولة توعية وتنبيه..
وستكتب شهادتنا، وسيكتب صمتنا، ونسأل..
وينبغي أن نكون بوصفنا مسلمين، وعرباً، وعراقيين وسوريين ويمنيين ولبنانيين؛ أكثر وعياً، وأعلى وأبعد أفقاً، وأكثر حضوراً، وأقدر على كشف ألاعيب العدوين اللدودين اللذين نزلا بنا. ومن وراء أكمتهما من وراءها، وما وراءها!!
بالأمس تابعت فيديو لبوتين الرهيب، على وزن إيفان الرهيب، يقول فيه، إنه كان ينظر إلى أشلاء أطفال غزة ويبكي..
تعلمون أطّت صفحات الإعلام التي تحملت هذا وحَقّ لها أن تئط!!
لا تشهد منطقتنا، منطقة الشرق العربي خصوصا وتضم الدول الذي ذكرناها آنفا، من تلك التي وقعت في الأسر الصفوي- الصهيوني، والدول التي تنتظر دورها لتستسلم، صراعاً صفوياً – صهيونياً على الخلفية الإسلامية التي يتحدث عنها بعض الأغرار، بالسذاجة المعهودة عنهم، والتي يظنون أن بإمكانهم توظيفها في مشروع دفاعهم عن بلدانهم كما يفعل بعض أهل الغرارة في العراق وسورية ولبنان وفلسطين وغيرهما..!!
حتى بعد الحرب العالمية الأولى، نشب في منطقتنا صراع إنكليزي- فرنسي، على المنطقة، صراع بين الفريقين اللذين كانا يتنافسان على توسيع مناطق نفوذهم على أرضنا.
وإذا كان من صراع حقيقي أو جاد بين الصهيوني والصفوي على أرضنا اليوم، فهو صراع علينا. صراع على استكفاء ما في قصعتنا، من بعد وبعد وبعد…
فمن الذي يستحق من قصعتنا، وفيها عقيدتنا وكرامتنا ولحمنا ودمنا، وأعراض نسائنا، وأشلاء أطفالنا أكثر… وفصول تاريخنا، وآفاق يومنا وغدنا!!
من يراقب السلوك الإيراني في تحريك الزعانف العراقية واللبنانية واليمنية أيضا لإثبات الوجود يفهم أبعاد اللعبة.. فإن لم يفهم فلا كان العقل ولا كان الفكر، وقاتل الله الظلمة والظلام والجهالة والجهل..
كبسة زر -ولا نريدها- ويغير الصفوي حقيقة المذبحة في غزة. وأنا أدعو إلى السلم وليس إلى توسيع رقعة الحرب، ولكن أقول للصهيوني والصفوي إذا كنتما جادين في الصراع؛ فبين تل أبيب وطهران لكم مندوحة، عن تمرير صراع على ظهور أطفال كزغب القطا…
الصفوي دخل العراق على طبق الفضة الأمريكي.
ودخل سورية كذلك، وحتى الآن لم توجه الولايات المتحدة الأمريكية لإيران مطالبة حقيقة بالانسحاب من سورية؛ بل أكثر المطالبات، بإعادة انتشار، غالباً ما تحدد خطوطه المقبولة أمريكياً وصهيونياً أيضا.
الولايات المتحدة مثلاً حين تَقصف قواعدَها الزعانفُ الصفوية، تعلم من هو الآمر الحقيقي لهذه الزعانف بالقصف، ومع ذلك تتباهى بقصف هؤلاء الأجراء المرتزقة من المجرمين والمغرورين أو المغررين.. وفيهم طلاب إقامة وطلاب لقمة، وجحاش يظل فديدها: يا لثارات الحسين، ولن تسبى زينب مرتين!!
الصراع بين الصهيوني والصفوي في منطقتنا مؤطر بأنه صراع علينا. صراع علينا علينا علينا وأكاد أكررها سبعين مرة.
صراع علينا جميعاً بالخلفية الاستراتيجية الجامعة. وعلى أساس عمل استباقي لكسر القوى الحية التي يمكن أن تقاوم مشروعات “الهيمنة والنفوذ” هو مطلب مشترك بين الشريكين الجديدين. يجب أن نكون أكثر وعياً، وأكثر حذراً، وأبعد أفقاً؛ من أن نقع في خديعة الصراع ضد أحد المحورين، لمصلحة الآخر.
لنفهم الدلالة اللغوية للفظي الهيمنة والنفوذ، ممكن أن نرجع إلى المفكر الأمريكي- اليهودي، نعوم تشومسكي، فقد أغنى المعنى في كتابه ” الهيمنة أو البقاء”.. ويبدو أن الدول كبيرها وصغيرها حتى بعض الفئات المجتمعية المحلية بين ظهرانينا، قد اختارت الهيمنة على البقاء، وتأمل ما شئت اختيارات الزمرة الأسدية أو الحوثية أو رافضة الكرخ أو متاولة لبنان..
بعضنا يستسهل تفسير كل خطيئة بالخيانة!! ويوزعها كأنما هي قطع من الحلوى، وتلك سذاجة أخرى ما زلنا نبتلى بها. إن تعقد المشهد، والشراكات الاضطرارية مع الأقوياء هي التي تجعل الضعفاء والمستضعفين ضحايا…
فما حيلة المضطر إلا ركوبها
وأنا أقول: لا تركب..
كل الذي جرى، وكل الذي يجري، وما يزال فريق بين ظهرانينا لا ينقصه الصدق والعفوية من بني قومنا، يظن أن الصهيوني أو الصفوي، يمكن لكل واحد منهما أن يكون حليفا لنا ضد الآخر..
ويتذرع بعضهم بالحكمة فينشد:
ومن نكد الدنيا على الحر
أن يرى … عدواً له ما من صداقته بد
ثوب من الغرارة والسذاجة والطفولية يجب أن يخلع، وموقف بالجد يجب أن يؤخذ كتابه بقوة، ويا خيبتنا إن كنا قد شاركنا في سفك دمائنا، لنعزز مواقع فريقا من أعدائنا، ولنمكنه أكثر من رقابنا…!!
والذي قتلنا في بغداد وفي الموصل، وفي صعدة وفي صنعاء، وفي حمص وفي حلب؛ لن يمد لنا يداً في غزة أو في فلسطين
ومن قال غير ذا فقد كذب.
ومن قال غير ذا فقد كذب
ومن قال غير ذا فقد كذب
لا تجامل … وعليها نواصل ونفاصل.
اللهم دبّر لنا فإننا لا نحسن التدبير..

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي، قيادي سابق في جماعة الإخوان المسلمين في سورية