إسماعيل ياشا
نشر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي الشهير «تويتر» تغريدة قال فيها: «لقد انتصرنا على تنظيم «داعش» في سوريا، وهذا كان سبب وجودنا هناك خلال فترة رئاستي»، ثم توالت الأنباء عن انسحاب القوات الأميركية الوشيك من سوريا، وأكد البيت الأبيض صحة تلك الأنباء، وقالت المتحدثة باسمه سارة ساندرز، إن القوات الأميركية بدأت تتحرك للعودة إلى الولايات المتحدة.
ترمب لم يكن يخفي رغبته في سحب القوات الأميركية من سوريا، ودافع عن قراره في عدة تغريدات، مشيراً إلى أن الخروج من سوريا لم يكن مفاجئاً، بل كان يطالب به منذ سنوات، وقال: «هل نريد أن نظل هناك للأبد؟ حان الوقت أخيراً لأن يحارب آخرون».
خروج القوات الأميركية من سوريا عاجلاً أو آجلاً كان أمراً مؤكداً، سواء رغب فيه ترمب أم لم يرغب، ومن تجاهل هذه الحقيقة وأخطأ في حساباته تفاجأ بالقرار، مثل وحدات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب العمال الكردستاني، وكان معظم المتفاجئين يعتقدون أن الرئيس الأميركي تم إقناعه بضرورة بقاء القوات الأميركية في سوريا، بعد أن أعلنت دول إقليمية استعدادها لدفع التكاليف.
إسرائيل وحلفاؤها في المنطقة غير مرتاحة من قرار الرئيس الأميركي، ويقول الإعلام الإسرائيلي إن انسحاب القوات الأميركية من سوريا هدية مجانية قدمت إلى روسيا وإيران على طبق من ذهب، والسؤال الأول الذي تتم إثارته في معظم التعليقات على قرار ترمب، هو: «من سيسدّ الفراغ في سوريا بعد خروج القوات الأميركية؟»
الشعب السوري يناضل منذ ثماني سنوات ضد قوات النظام السوري وحلفائه من جهة، والمنظمات الإرهابية من جهة أخرى، وكانت فصائل الثورة قد حررت مناطق واسعة من قوات النظام، إلا أن تنظيم «داعش» هاجم تلك المناطق وسيطر عليها، ثم سلمها إلى وحدات حماية الشعب الكردي واحدة تلو الأخرى، لتوسع هذه الأخيرة نفوذها بدعم أميركي إلى مناطق لم تكن تحلم بالسيطرة عليها.
انسحاب القوات الأميركية من سوريا يعني نهاية حلم إنشاء ممر إرهابي على طول الحدود التركية الجنوبية، وقد يدعو الإرهابيون قوات النظام السوري إلى المناطق التي يسيطرون عليها لإنقاذ أنفسهم، إلا أن قوات النظام ليست قادرة على الاستجابة لهذه الدعوة، ولا لديها قوات كافية للسيطرة على جميع تلك المناطق.
الشعب السوري الثائر كان على وشك إسقاط النظام، ولولا التدخل الخارجي الذي أنقذ بشار الأسد لما كان هناك فراغ في سوريا، ومن المؤكد أن الشعب السوري -بصفته صاحب الأرض- هو من سيسدّ الفراغ -بإذن الله- بدعم أصدقاء الثورة، ليقيم نظاماً ديمقراطياً ويختار من يحكم بلاده عبر صناديق الاقتراع.
وحدات حماية الشعب الكردي تقول إن الولايات المتحدة طعنتها في ظهرها، وتشعر بأنها ستبقى مكشوفة أمام القوات التركية وفصائل الثورة السورية بعد انسحاب القوات الأميركية، ولكن عزلتها ستشتد في المناطق العربية التي قامت فيها بتطهير عرقي، حين تواجه العشائر التي سكتت على جرائمها بسبب الغطاء الأميركي، ومن المتوقع أن يتراجع الدعم الإقليمي لوحدات حماية الشعب الكردي بعد رفع الغطاء الأميركي عنها.
العرب القطرية