عبد الله عيسى السلامة
قال تعالى ((وَلو أنّ أَهلَ القُرَى آمَنُوا وَاتّقَوا لفتَحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض ولكن كَذّبُوا فَأخذناهُم بما كانوا يَكسِبونَ)).
إنه دين تُساس به الدنيا، وتُكسَب الآخرة! ومعلوم، عن العلماء المسلمين، الذين كتبوا في السياسة الشرعية، أنها سياسة الدنيا بالدين! وأن مصطلح (الإسلام السياسي) عبث شيطاني، ابتكره لنا أعداء أمّتنا، ليدمّروها، بتمزيقها، بين إسلام سياسي، وآخر غير سياسي!
وقد قال تعالى:
((لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ)).
وقال تعالى:
((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)).
في باكستان، يحشد الإسلاميون الملايين، في المظاهرات، ويكسب غيرهم الانتخابات، فيتحكّموا بمصائر البلاد والعباد، ببرامج دنيوية، تَعِد الناس، بتحسين معاشهم الدنيوي، بينما الإسلام للدنيا والآخرة، وهو أحرص على كفاية الناس، وتأمين حاجاتهم، من أيّ دين آخر! ويُعَدّ التقصير، في هذا، إثماً عظيماً، يحاسَب عليه صاحبه، في الآخرة، بعد أن يحاسب عليه، في الدنيا!
ففي الحديث النبويّ: والله ما آمَن، مَن بات شبعان، وجاره إلى جنبه جائع، وهو يعلم!
وفي الحديث الشريف، أيضاً:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ، وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا، فَلْيَغْرِسْهَا!).
وقال عليّ بن أبي طالب: عجبتُ، لمَن لمْ يَجد قوتَ يومه؛ كيف لايخرج على الناس، شاهراً سيفَه!
كما ورد عنه القول: اعمل لدنياك، كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك، كأنك تموت غداً!
وروي، عن عمر بن الخطاب: لو أن بغلة زلقت، على شاطئ دجلة، لخشيت أن يحاسبني الله عليها ؛ لمَ لمْ أعبّد لها الطريق!
وقد قال ربّنا، عزّ وجلّ:
((ولنْ يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً)).
فإن الله، سبحانه، لا يجعل للكافرين، على المؤمنين سبيلا، إلا أن يتواصَوا بالباطل، ولا يتناهوا عن المنكر، ويتقاعدوا عن التوبة، فيكون تسليط العدوّ من قِبلهم، كما قال تعالى: ((وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم)).
أمّا أن يجعل المؤمنون، على أنفسهم سبيلاً، للكافرين، فيتحكّموا في مصائرهم وأرزاقهم، عبر الحكم والسلطة.. فهذا تقصير شديد، بل تفريط عجيب، سببُه الجهل والفرقة والانانية.. وغير ذلك، من أمراض القلوب والعقول!
وأمّا حجّة الزهد، بالحكم والسلطة، فهي حجّة واهية، روّجها بعض الجهلة، عن غباء، ودعمها بعض عملاء السلاطين، من المحسوبين على الإسلاميين!
فالكفَرة إذا تسلطوا، على المؤمنين، عبر السلطة: السياسية والعسكرية والأمنية.. فإنهم لن يَرقبوا، في مؤمن إلاّ ولا ذمّة! وما نراه، اليوم، من فعل الصليبيين، في بلادنا، والمشركين، وأعوانهم، من جهَلة الأمّة، وسفهائها، ومنحرفيها.. دليل قاطع، على هذا الذي نقول، وننقله عمّا ورد في نصوصنا المقدّسة.. وحجّة ساطعة، تُفحم كلّ مُكابر!