حمزة الإدلبي
في ظل التحضير للقمة الرباعية في اسطنبول للتسوية السورية، والذي تتحدث خصوصاً عن محافظة إدلب، تحاول تركيا منع روسيا والنظام الأسدي من شن هجوم عسكري على هذه المحافظة.
بعد التقاء وزيرا الخارجية التركي ونظيره الروسي، لاحظنا فرقاً في الحدة المستخدمة في التصريحات التركية، حيث كانت آخر التصريحات لجاويش أوغلو تهديده بالانسحاب من اتفاق “أستانة” في حال بدء أي عمل عسكري من قبل النظام أو روسيا، بينما باتت التصريحات اليوم تتحدث عن المشاركة في إنهاء نفوذ جبهة “تحرير الشام” في إدلب، على الرغم من استمرارية الغارات الجوية من قبل الطيران الروسي والأسدي بحجة قصف مواقع جبهة “تحرير الشام” (النصرة سابقاً).
كما طالب أوغلو بضرورة تحديد الإرهابيين في إدلب ومن ثم محاربتهم، محذراً من القصف العشوائي الذي يعني القيام بمجزرة.
لذا فإن ما يظهر لنا من هذا اللقاء، الاتفاق على إنهاء جبهة تحرير الشام، مع الاختلاف في طريقة التنفيذ، حيث يتسنى لتركيا هنا عدة خيارات يمكن التعامل معها لإنهاء هذه الجبهة، بعكس روسيا والأسد اللذين قررا مسبقاً وحشدا جيوشهما من أجل الهجوم العسكري.
من جهة تركيا فقد حاولت اتخاذ المجرى الدبلوماسي مع جبهة تحرير الشام لشهور طويلة، محاولة إقناعها بإنهاء عملها وحل نفسها تجنباً للهجوم العسكري المحضَّر من قبل الروس والنظام، ولكنها قد فشلت في ذلك، مما يستدعي تركيا اليوم القيام بعمليات عسكرية محدودة تقوم بالضغط على الجبهة وإنهاء تمددها شيئاً فشيئاً، أو دعم المعارضة الموجودة في إدلب وجعلها تحارب الجبهة وتنهيها.
أما بالنسبة لنظام الأسد فقد عدّ العدّة وحشد جيشه تحضيراً للهجوم على إدلب كونها المعقل الأخير للمعارضة والذي يضم كل شخص يرفض التسوية مع النظام سواء كان مدني أو عسكري، فهي بالنسبة للأسد صيدٌ وفير.
في حين تقوم إيران بالضغط على نظام الأسد لبدء معركة إدلب، وتقوم بإدخال ميليشياتها وتحاول التوسع أكثر في الشمال السوري لتقوية نفوذها وتخفيف الضغط الأميركي عليها.
أما عند التطرق للحديث عن روسيا، فهي كعادتها تتصرف عدة تصرفات متناقضة تحاول من خلالها الربح دوماً، فكما عهدناها ترعى الهدن وتقوم بخرقها، تقوم الآن بالاجتماعات من أجل التسوية السورية في حين أنها في كامل جاهزيتها للهجوم العسكري على إدلب.
قد اعتادت روسيا تبرير هجماتها في سورية على أنها محاربة للإرهاب أو رداً على هجوم عسكري مضاد من قبل “المسلحين”، وبعد إعلانها في هذا التوقيت عن الطائرات المسيّرة التي استدفت قاعدتها في حميميم وتوجيه التهمة للمسلحين مع تحديد موقع خروجها على أنه من إدلب، لذا ليس من الغريب أن تتخذ من ذلك سبباً منطقياً أمام المجتمع الدولي يؤهلها لقصف إدلب بحجة الرد على الهجوم ومن ثم إعادتها لسيطرة النظام.
وعلى الصعيد الآخر فإنها تسعى بحسب قولها للوصول إلى تسوية سياسية ليحل السلام على إدلب وإتاحة العودة للاجئين، مع ترك نقطة استدراكية لها بأحقية تدخل النظام الأسدي في إدلب وقتما يشاء.
التحايل الروسي في سورية أشبه بالرهان الفائز، فهي تضع لنفسها خيارات عدة لتأكيد الربح لصالحها، فإن وصلت الحال إلى التسوية فتكون من سعت لهذا الأمر، وإن ذهب الأمر لهجوم عسكري فهي جاهزة تماماً لذلك، وبكل الأحوال لا ضمانات لها فمن الممكن أن تخرق التسوية عن طريق نظام الأسد.!!
لقد تكالب الجميع على السوريين، ووضعوا الخطط العديدة لإبادتهم من قبل قوات النظام وطائرات بوتين الملعونة بعد أن تم تهجيرهم من مختلف مناطق سورية ومحاصرتهم في إدلب فهل يمكن للتسوية السياسية المزعومة أن تنقذ إدلب من التدمير الكامل!! وتمنع تشريد أكثر من 700 ألف شخص سوري!! لندعو الله أن يحفظ لنا سورية ويحبط مخططات المتآمرين عليها.