عبد الله عيسى السلامة
الحياة صراع، متنوّع الأشكال، متعدّد الأهداف: صراع عسكري، وصراع سياسي، وصراع فكري، وصراع علمي.. صراع بين الأفراد، وصراع بين القبائل، وصراع بين الأحزاب، وصراع بين الدول، وصراع بين التكتلات الدولية!
ولعلّ أخطر أنواع الصراعات، هو الصراع، بين الحكّام المستبدّين وشعوبهم! ولعلّ هذا، أيضاً، هو أخبث الصراعات، وأشدّها خطراً، على الدول والمجتمعات، وهذا، هو، مايهمّنا أن نقف عنده، في هذه السطور!
الحكّام المستبدّون: يرون أنفسهم آلهة، لايُسألون عمّا يفعلون، كما يرون، أن من حقّهم، أن يطيعهم كلّ فرد في دولهم، بلا تردّد، ولا مناقشة، ولا اعتراض؛ وإلاّ فعقوباتهم جاهزة، لكلّ مَن يعصي أوامرهم، ولو علموا ذلك، بوشاية كاذبة، نابعة من: حقد، أو نكاية، أو تلميع لصورة الواشي، عند الحاكم المستبدّ.. ! ومن أهمّ العقوبات: الحبس، والقتل، والتضييق في الرزق، والتشريد، والتهديد بالاعتداء على الأهل: بالحبس، أو القتل، أو انتهاك العرض.. أو نحو ذلك!
والتهديد يحصل، في الغالب، في أثناء التحقيق والاستجواب، لانتزاع المعلومات من المتّهم !
وكلّ ذلك يدخل، في باب الإكراه؛ سواء ماجاء منه، على شكل عدوان، على الشخص أو أسرته.. وما جاء على شكل تهديد بالعدوان!
فما القيمة القانونية والشرعية للإكراه؟
أمّا القيمة القانونية فمنعدمة، في سائر القوانين الأرضية الوضعية، ماكان منها دولياً، وما كان محلياً!
وأمّا القيمة الشرعية، بحسب الشرع الإسلامي، فلها مبادئ وأحكام:
من أهمّ مبادئها العامّة، قول النبيّ، لعمّار بن ياسر، حين جاءه حزيناً، لأنه قال، تحت التعذيب، كلمة فيها كفر بالنبي؛ إذ قال له النبيّ: كيف تجد قلبك؟ قال عمّار: إنه مطمئنّ بالإيمان ! فقال له النبيّ: فإنْ عادوا فعُد !
ومن الأحكام المتعلقة بالإكراه، نضرب مثلاً واحداً، هو طلاق المكرَه، فهو باطل، لاقيمة له!
واستناداً إلى ماتقدّم، من الإكراه عبر التعذيب، والتهديد به.. يُعَدّ كلّ اعتراف، بين أيدي الجلاّدين.. باطلا، لاقيمة له،على المستوى القانوني والشرعي، وحتى الخُلقي!
أمّا الذين يصبرون على التعذيب، بأنواعه، والاعتداء على أفراد الأسر للمتّهمين.. أمّا هؤلاء الصابرون، فلكلّ منهم ثوابه عند ربه، إن كان مؤمناً محتسباً.. وكلّ منهم ينال جزاء صبره في الدنيا، وهو حفظ معلومات، يؤذيه كشفها، ويؤذي أفراداً آخرين، له بهم صلة ما، ممّا يحرص المستبدّ، على معرفته!
وفي كلّ الأحوال، يُعَدّ اضطهاد المواطنين، من قبل حكّامهم، في دولة ما، كاشفاً لهشاشة السلطة، التي تمارس الاضطهاد، من ناحية.. ومن ناحية ثانية، تعزّز حجج الذين يتحرّكون، لإسقاط هذه السلطة الفاسدة المستبدّة!