الإخوان المسلمون في سورية

إهلاك فرعون وقومه ونجاة موسى وأتباعه

د. علي العتوم

 

قال تعالى: “فأسْرِ بعبادي ليلاً، إنَّكم مُتَّبَعُونَ. واتْركِ البحرَ رَهْواً، إنّهم جُندٌ مغرَقونَ. كمْ تركُوا من جنّاتٍ وعيونٍ. وزروعٍ ومقامٍ كريمٍ. ونَعْمَةٍ كانوا فيها فاكهينَ. كذلك وأَوْرَثْناها قوماً آخرِينَ. فما بَكَتْ عليهمُ السماءُ والأرضُ، وما كانوا مُنْظَرِين” (الدخان: 44/23-29).

 

تعليقات:

 

  1. التعريف:

 

موسى: هو نبيُّ الله عليه الصلاة والسلام لبني إسرائيل. وُلِدَ بمصر وتربّى في حِجر فرعون ليكون له ولأهله بعلم الله المحيط عدوّاً فيما بعدُ وحَزَناً، كما قال تعالى في محكم تنزيله. وقد آتاه الله تسع آياتٍ دلائِلَ نبوَّته وعِقاباً لفرعونَ وزبانِيَته، وهي: العصا واليد والجراد والقُمَّل والضفادع والبحر والسنين والطوفان والدم. وقد حارب فرعونُ دعوته بكل ما استطاع، وادّعى الألوهية، إذ قال: (أنا ربّكم الأعلى)!! غيرَ أنَّ سَحَرَتَه لما رأوا عصا موسى  تلقف حبالهم جميعاً، استدلوا بذلك على صدق نبوة موسى، فآمنوا به. أمّا فرعون ومَنْ بَقِيَ على كفره معه، فقد أغرَقَهم الله في البحر، حينما تَبِعَ موسى وقومَه وهم هارِبون من مصر، ونجّى اللهُ موسى وأتباعه، ونصرهم على أعدائهم.

 

  1. المعاني:

 

أسرِ: سِرْ بهم ليلاً، قال تعالى: (سبحانَ الذي أسرَى بعبده ليلاً). متَّبَعونَ: ملاحَقون، مطارَدون، مطلوبون، مقتفاةٌ آثاركم. رهْواً: ساكناً كما هو، لا تضربْه بعصاكَ خشيةَ أنْ يتْبعوك، فلا تخفْ إنّهم قومٌ هالِكون. جنات وعيون: بساتين وأنهار وآبار. مقام كريم: مساكن أنيقة، وأماكن حَسَنَة. فاكهين: مسرورين، كانوا في عيشةٍ حسنة، يأكلون ما شاؤوا، ويلبسون ما أحبُّوا. قوماً آخرين: بني إسرائيل. ما بَكَتْ عليهم السماءُ والأرضُ: تبكيتٌ لهم وترذيل، فهي لا تسأل عنهم، إذ لا أسى عليهم، لأنّهم كفروا بالله وعصَوْه، وادّعى حاكمهم فيهم – كَذِباً وبَهْتاً – الألوهية، لحمقهم وغبائهم. منظرين: مؤجَّلين، مؤخَّرين، مُخلَّفين.

 

  1. ما يستفاد من الآيات:

 

أ- خرج موسى وقومه بنو إسرائيل من مصر هرباً من ظلم فرعون، بعد أنِ استعصت على الدعوة وبعد إذنٍ من الله جلَّ وعلا لهم، وهو سَنَن مُتَّبع، فَعَلَه رسول الله صلى الله عليه وسلم بهجرته من مكة إلى المدينة فراراً بدينه.

 

ب- شأنُ الله أنْ يُدِيلَ للمظلوم من الظالم، كما فعلَ مع بني إسرائيل، إذ أدالَ لهم وهم المظلومون من فرعون الظالم وأكبر جبابرة الأرض يومئذٍ وقومه المتابعين له على الكفر، وذلك تفضُّلاً منه سبحانه وتكرُّماً.

 

ج- المتجبِّرون في الأرض أعداء الله من كبار الطواغيت الذين يحكمون كبار الدول وأغناها، يقصمهم الله عندما يريدُ شرَّ قصمٍ، فيخسرون كُلَّ أُبَّهةٍ بلحظات، والأنكى من ذلك؛ أنّه لا يرثي لهم أحد، ولا يبكي عليهم إنس ولا جانّ.

 

د- لقد أدالَ اللهُ للعرب الموحِّدين ومَنْ معهم من إخوانهم الأعاجم يوماً، لالتزامهم بشريعة الله من دول كبرى تحكم العالم آنذاك: الأكاسرة والقياصرة، إكراماً لهم ولنبيِّهم لاتّباعهم أوامره واجتنابهم نواهِيَه.

 

هـ- الأمة الإسلامية بشعوبها عرباً وعجماً مرشّحةٌ اليومَ أنْ يُدِيلَ اللهُ لها من دول الغرب والشرق الظالمة المتجبِّرة، إذا رجعت لكتاب الله وسُنّة رسوله، وإلاّ ستبقى أمام أولئك ضعيفةً هزيلة، وتابعةً ذليلةً.

إخوان سورية

أضف تعليقاً