الإخوان المسلمون في سورية

حتى تكون الدعوة أكثر مضاءً

 

[ذكرنا في الحلقة الأولى أن من أهم الأسباب لنجاح الدعوة تحقق جوانب القوة لها. وأول هذه الجوانب هو توافر الدعاة الناجحين]

 

الجانب الثاني: الوسائل والأساليب

 

ما يزال معظم الدعاة يقتصرون على الوسائل التقليدية كالخطبة والمحاضرة والكتاب… وهي وسائل مهمة، ولعلها تحتفظ بأهميتها على مر الزمان، لكن هناك وسائل تستجدّ في كل عصر، وتكون فاعليتها فائقة، وعلى الدعاة استثمار ذلك إلى أقصى حد ممكن. ونذكر من ذلك الإذاعة والتلفاز والفضائيات وأشرطة الفيديو والإنترنت وبرامج الكمبيوتر والمسرح والسينما والصحافة…

 

وغني عن البيان أن ظروف كل إنسان وميوله تجعله يُقبِل على بعض الوسائل ويتقبّلها أكثر مما سواها… وينبغي أن يجد أمامه في كل وسيلة من هذه الوسائل طُرقاً للهداية لتقوم عليه الحجة.

 

ومن المؤسف أن أهل الأهواء والزيغ والفجور والكفر يستخدمون تلك الوسائل وينشرون بها ضلالهم وفجورهم.

 

الجانب الثالث: جمهور الناس

 

وإذا نظرنا إلى جمهور الناس نتذكر أولاً أن الإسلام هو دين الفطرة، فله في كل نفس رصيد، وأن الناس مهما ابتعدوا عن الإسلام، بل حاربوه، فإن في أعماقهم ما يدعوهم إلى اعتناقه، والتزام أحكامه… وإن غطى ذلك ركامٌ من الشهوات والضلالات.

 

الكثرة من الناس وقعت فريسة التجهيل والتضليل، فضلاً عن الأهواء والشهوات. وهي بحاجة إلى من يأخذ بيدها ويحتكّ بها، فيفرز الدعاة من يُحسن خطاب الجماهير، ويتعايش معهم، ويتعرّف إلى مشكلاتهم وهمومهم وأشواقهم، فلا تقتصر الدعوة على النخب الفكرية والطبقات المثقفة.

 

وهناك نخبة من المسلمين المخلصين، لكنهم لا يعُون أهمية الدعوة إلى الله، والإعلام بها، ونشر الفكر الإسلامي، والأدب الإسلامي، والفن الإسلامي… فيجد أهل الضلال والفجور من ييسّر لهم أسباب الكفر والفسق، ولا يجد أهل الحق على الحق أعواناً.

 

الجانب الرابع: السلطات والمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية

 

إن السلطات في معظم بلاد المسلمين تعمل على إخضاع الدعاة إلى قوانين الوظيفة والتوجيه والرقابة، فتحظُر نشر بعض الكتب، وإلقاء كثير من المحاضرات، وتحصر التدريس في المساجد بمن يحصل على إذن رسمي!… وإذا تحدّث الداعية بأحكام الإسلام التي تتنافى مع ممارسات السلطات وقوانينها وتوجيهاتها السياسية، تعرّض لألوان من العقاب والتنكيل.

 

ليعلم المسؤولون في بلاد المسلمين أن الإسلام عزُّهم وخيرهم ومجدهم… وأن الذي يخشونه من الإسلام ودعاته هو الذي يجب أن يطلبوه ويسعَوا إليه، ففيه الخير للبلاد والعباد. وأما ما يظهر أحياناً من جنوح أو شذوذ من بعض حملة الفكر الإسلامي، فهو أولاً من الخلل الذي لا بد أن يظهر في أي تجمّع بشريّ، ثم إن علاجه لا يكون بوضع القيود على الدعوة والدعاة، بل بفسح المجال أمام الحوار العلني المفتوح، ليعمّ التوجه الوسطي السديد، وينكمش الغلوّ والتطرّف.

 

((هو الذي أرسلَ رسولَه بالهُدى ودين الحق ليظهرَه على الدين كله ولو كره المشركون)). {سورة التوبة: 33}.

محمد عادل فارس