الإخوان المسلمون في سورية

فضيلة المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية: الثورة مستمرة وندعم طوفان الأقصى

موقع إخوان سورية
أكد فضيلة المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية د. “عامر البو سلامة” أن ثورة الشعب السوري ضد نظام الأسد ما زالت مستمرة، وأن الأمر لم يستقر للنظام، مشيراً إلى تفجّر الاحتجاجات في مناطق جديدة داخل البلاد.
وشدّد فضيلته، في حوار مع موقع “الجزيرة نت” على أنه لا حل إلا بزوال نظام بشار الأسد، مشدداً على أن إعادة تدويره محاولة بائسة ويائسة.
وأكد أن الجماعة موحدة وبعيدة عن أي انقسامات، كما أنها تسعى -مع غيرها من القوى السورية- لتحقيق أهداف الثورة.
وعن طوفان الأقصى والحرب التي يشنها الاحتلال “الإسرائيلي” على قطاع غزة، دعا فضيلته إلى وقف فوري لإطلاق النار، وفتح المعابر لإغاثة أهالي غزة.
وفيما يلي نص الحوار، ويمكن أيضا مشاهدته كاملا مصورا على هذا الرابط:

المراقب الام للإخوان المسلمين بسورية للجزيرة نت: الثورة مستمرة وندعم طوفان الأقصى

الجزيرة نت
عبد الرحمن أبو العلا
بعد 12 عاما من اندلاع الثورة.. إلى أين وصلت سورية؟
الثورة السورية بعد هذه السنوات الطوال ما زالت مستمرة، بل إنها تتفجر في مواقع ما كان يتوقع كثير من الناس أن تنفجر فيها مثل الذي حدث في الساحل السوري ومحافظة السويداء وفي ثورة العشائر.
فالنظام ترنح في الـ6 أشهر الأولى وكاد أن يسقط، إلى أن تدخلت إيران بمؤسساتها ومليشياتها وحمته قليلا، ثم تدخل الروس بعد ذلك، وعملوا حسما في بعض المناطق بالحديد والنار والقصف والقتل والإجرام الذي لا نشاهد مثله إلا في غزة اليوم، حيث لم تسلم منطقة في سورية من إجرام النظام.
هذا النظام -الذي ترنح مرارا- ليس بعافية كما يظن هو ومن معه في محوره الذين يظنون أنهم انتصروا، لكنهم لم ينتصروا، ما زالت الثورة قائمة، صحيح أصابها نوع من الفتور بسبب الخذلان لها عالميا، ولكن الثورة باقية ومستمرة.
لماذا أخفقت الثورة في تحقيق أهدافها رغم طول المدة؟ وما مدى مسؤولية المعارضة، وأنتم جزء منها، عن ذلك؟
من الصعوبة بمكان أن نقول إن الثورة أخفقت أو أنها لم تحقق أهدافها، لأنها لم تنته بعد. صحيح طالت المدة وما كنا نتمنى لها أن تطول، ولكن الظروف الموضوعية الكثيرة هي التي جعلت الثورة تستمر هذه المدة الطويلة نسبيا، وهي ليست طويلة بالقياس إلى عمر الثورات أو إلى حركات التحرر عالميا.
رغم هذا، فالثورة ما زالت مستمرة وباقية، وما زالت تحمل الأهداف التي قامت من أجلها، ونحن جزء من هذا الأمر حتى نحقق الأهداف كاملة. يعني لم ينته شيء إلا عند النظام والروس والإيرانيين الذين يقولون إنهم انتصروا. ولكن كيف انتصروا، ونصف الشعب السوري اليوم ما بين مشرّد ولاجئ ونازح؟ كيف انتصروا وسورية مهدمة؟ كيف انتصروا وشمال غرب سورية منطقة محررة، وشرق سوريا يسيطر عليه الأميركان وقسد (ما تسمى قوات سوريا الديمقراطية)؟
لذلك فالأمور لم تستقر للنظام، وعلى العكس من هذا، فنحن نبشّر بثورة ثانية ستكون أقوى من الأولى بإذن الله.
أين المعارضة الآن؟ هل سلمتم بالأمر الواقع؟ وأين حضور المعارضة بالشمال السوري الذي يُوصف بالمُحرر؟
نحن جزء من المعارضة ولا نتكلم باسمها. وأوكد أننا والشرفاء من أبناء وطننا من المعارضين من كافة الاتجاهات وسائر التكوينات موجودون وما فتئنا نقوم بواجب الثورة على النظام.. مستمرون في هذا وماضون دون تردد أو تراجع أبدا عن المبادئ الأساسية لهذه الثورة.
حضورنا قائم سياسياً بما نستطيع سواء كان بالاتفاق مع الدول الشقيقة ودول الطوق والدول المتعاونة والمتفهمة لقضيتنا. ونحن نسعى حالياً لإقناع الدول التي لم تقتنع بعد بأنه لا حل إلا بزوال هذا النظام المجرم، ونحن متمسكون بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 (الذي دعا لتشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية أممية ووقف الهجمات ضد المدنيين) ونطالب كافة الدول بتطبيقه.
والملاحظ أن غالبية الأشقاء في دول الخليج وفي جامعة الدول العربية يطالبون بتطبيق هذا القرار، وقد ذُكر ذلك صراحة في القمة الخليجية الأخيرة، وهذا إقرار بأن الثورة ما زالت قائمة، ونطالب أيضا بتطبيق القرار بمعناه الصحيح، وأساسه هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، وهذا يعني أن لها السيادة والسلطة، ومن ثم يصبح بشار الأسد وأركان نظامه في طرف الخريطة تماما.
مؤخرا حضر رئيس النظام السوري القمة العربية، وعيّن سفراء في بعض الدول العربية. هل يعني هذا إسدال الستار على صفحة الثورة؟
أبدا، كما قدمت في كلامي، فأي تحرك من النظام وحلفائه لا تعني إسدال الستار على ثورة الشعب السوري، والثورة قائمة بإذن الله ولا يمكن أن يسدل عليها الستار.. سنبقى صامدين ثابتين نحن وشركائنا في الوطن حتى يسقط هذا النظام ونقيم الدولة السورية الحديثة لكل أبنائها بإذن الله.
أما إعادة تدوير النظام فهي محاولة بائسة ويائسة، وقد شاركنا في وثيقة خاطبنا فيها الدول العربية ألا يقبلوا هذا المجرم بينهم في القمة العربية بعد أن قتل مليون إنسان، وشرّد أكثر من 10 ملايين آخرين، وهدّم أكثر من 3 ملايين بيت، فضلا عن استمرار الظلم والفساد والفقر وانهيار العملة، إضافة لهذه المخدرات التي ينتجها والتي لم تسلم منها دولنا العربية، وقلنا لهم إن الذي يحاول إغراق الدول العربية بالكبتاغون لا يمكن أن يأتي منه خير.
أما بالنسبة لعودته إلى جامعة الدول العربية أو فتح سفارات، فكل هذا لن يغير من الحقيقة شيئا، ستبقى جذوة الثورة مشتعلة حتى تحرق هذا المجرم، والمحاكم الوطنية العادلة تنتظره وتنتظر أمثاله، وسوف نراهم في قفص الاتهام في ساعة من الساعات.
“الإخوان” عرفت دائما بأنها جماعة جماهيرية بالمقام الأول. أين حضوركم الآن في الوسط السوري سواء داخل المناطق التي يسيطر عليها النظام أو الشمال “المحرر” أو خارج سورية عموما وخصوصا في تركيا؟
نشاط الجماعة كجزء من نشاط المعارضة في الإطار السياسي وأهداف الثورة موجود، ونحن نعيش همّ الثورة في كل يوم.
الجانب الثاني أننا كجماعة نعمل كحركة دعوية وتربوية وفكرية، والحمد لله لنا أنشطتنا حيثما وجدنا في هذا الباب، ونحن حركة جماهيرية غير منكفئة على ذاتها، ونسعى إلى حضور أكبر وأوسع بإذن الله.
الجانب الثالث وهو علاقاتنا المجتمعية، ونحن نركز خصوصا في هذه المرحلة على هذا الجانب عن طريق الدعوة، والعمل الطلابي والإنساني والإغاثي والنسائي والتعليمي، والتواصل مع الناس ومعرفة همومهم وما إلى ذلك. والجماعة -منذ تأسيسها عام 1945 وكان الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله أول مراقب عام لها- وهي تعمل في أوساط الجماهير.
وفي هذا المقام، هناك اتجاهان في النظرة إلى الإخوان: أحدهما يرى أن الإخوان يهيمنون ويسيطرون على كل شيء، وهذه مبالغة مقصودة بهدف التنفير من الإخوان باعتبارهم إقصائيين. والاتجاه الثاني هناك من يقول إن الإخوان غائبون ولا حضور لهم، وهذه أيضا هذا مبالغة وتقزيم لنا. ولذلك نحن نضع الأمور في نصابها الصحيح لا إفراط ولا تفريط.
خلال العقد الأخير، شهدت جماعة الإخوان السورية انسحاب بعض المنتمين إليها. الآن مر على انتخابكم مراقباً عاما نحو عام، هل اتخذتم خطوات عملية في سبيل رأب الصدع الداخلي؟
هذا الكلام كثيراً ما يثار في وسائل الإعلام، والحقيقة أن من استقال من الجماعة عدد قليل جدا، وأنا لا أحقر من شأنهم، فهم إخواننا وأحبابنا ولهم احترامهم وتقديرهم وقد انسحبوا بكل ود، وهذا الانسحاب منصوص عليه في نظامنا الداخلي بأن من حق العضو أن ينسحب من الجماعة متى شاء لأن هذه الجماعة ليست فرضاً لازماً عليه.
الجماعة بشكل عام بخير وعافية من هذا الجانب، أعني جانب الانسحابات. أما جانب الانشقاقات أو الانقسامات فليس موجودا أبدا، ولا أقول هذا أيضا لأنني المراقب العام، فالجماعة والحمد لله موحدة منذ سنوات وليس الآن فقط.. ما عرفنا إلا مراقبا واحدا، ومجلس شورى واحدا، وقيادة واحدة.
كيف تنظر إلى عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي؟
أولاً لا بد أن نشير إلى أن معركة طوفان الأقصى حدث كبير وعظيم، وهو حلقة في سلسلة مواجهة الاحتلال، كما حدث في الحروب السابقة، وقبلها الانتفاضة، وما قبل ذلك بل من الثلاثينيات من خلال جهاد الشيخ عز الدين القسام، وصولا إلى جهاد حركة الإخوان المسلمين في فلسطين عام 1948، والشيخ حسن البنا وعندنا السباعي في سورية أيضا بنفس العام، فهم قادوا العمل.
والآن نرى إجراماً صهيونياً لا مثيل له إلا ما حدث في سورية، لكن المشهد العام في فلسطين اليوم يجمع بين الابتسامة والدمعة: الابتسامة بأن أنف هذا العدو مُرغ في التراب، وكذلك بهذا الصمود الكبير لأبناء شعبنا في غزة، وهو صمود المؤمنين بقضيتهم.. صمود الذين يبحثون عن الشهادة ولا يحرصون على الحياة. صمود في وجه محاولات التهجير.. هذا الصمود يواجهه العدو الصهيوني بالقتل والتشريد، وهذا هو سبب الدمعة.
ومن المهم التأكيد على رفضنا لتهجير الفلسطينيين على كافة المستويات، حتى لو من حي إلى حي، كما نشدد على ضرورة فتح المعابر لخروج الجرحى للعلاج وإدخال المساعدات، وقبل ذلك السعي مع كل أحرار العالم على وقف هذه الحرب الشرسة على أهلنا في غزة، فكل ساعة إضافية تعني المزيد من دماء أبناء شعبنا.
كيف تقيم دور النظام السوري تجاه ما يحدث بغزة الآن، خصوصا وأنه يتزامن مع قصف إسرائيلي متكرر يستهدف بعض المناطق داخل سوريا ومنها مطارات ومواقع عسكرية؟
في تقديرنا، ما يُسمى بمحور المقاومة، ونحن نسميه محور الشر، ليس مفيداً للقضية الفلسطينية في شيء على الإطلاق. فالنظام السوري وغيره من المتاجرين بالقضية الفلسطينية سقطت عنهم ورقة التوت، والمؤكد أن الذي باع الجولان لا يمكن أن يكون محرراً لفلسطين أو مسانداً للمقاومة. والذي قتل الفلسطينيين في تل الزعتر وغيرها من مناطق لبنان، وفي حي التضامن ومخيم اليرموك في سورية، إضافة إلى اعتقال عدد كبير منهم، لن ينصر فلسطين.
هذا النظام الذي يقتل الشعب السوري ويشرده، من العار أن يتكلم بقضية تحرير فلسطين، ونحن نعجب مِن مَن يتأمل من هذا النظام خيرا، فالنظام يأكل الضربات ويسكت، ويقول إنه ينتظر الوقت المناسب، صبرنا 50 سنة ولم يطلق طلقة واحدة تجاه الصهاينة.
الآن بعد نحو 88 يوما على انطلاق معركة طوفان الأقصى والهجوم الشرس الذي تشنه إسرائيل على غزة، ما توقعاتك لمستقبل القضية الفلسطينية؟
نأمل ونتوقع قريباً إن شاء الله وقف إطلاق النار وإعادة الأمور إلى نصابها الذي كان في الأصل موجوداً في غزة، فغزة وفلسطين لأبنائها يحكمونها بالطريقة التي يرون أنها مناسبة.
ومن المهم الإشادة برفض مصر تهجير أهل غزة إلى سيناء، ورفض الأردن تهجير أهل الضفة الغربية إلى الأردن، وهذا موقف مشرف وجيد، والدول العربية حكومات وشعوباً متحدة في هذا الشأن على أنه يجب إيقاف إطلاق النار وأن تبقى غزة لأهلها، وألا يُهجّر أحد من أهلها.
ومن المؤكد أن هذه الدماء التي تبذل ليست عقيما، بل هي دماء ولاّدة، وعندي أمل كبير بأن المشروع الصهيوني بإذن الله إلى زوال، فهذا المشروع ليس قابلاً للحياة.

محرر الموقع