الإخوان المسلمون في سورية

في الذكرى السبعين لأم النكبات.. الغطرسة والهيمنة لا تصنع حقاً ولا تضيعه..

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يعيش العالم منذ عقود حالة من غطرسة القوة الكالحة، التي أسقطت كل أقنعتها، وراحت تمارس عدوانها الوقح على الشعوب مستهترة بكل ما كانت تزعم أنها تستند عليه من قانون دولي، أو تدعيه من مواثيق ولوائح حقوق الإنسان.

 

ولقد كانت الجريمة التي تمت شرعنتها في الخامس عشر من أيار سنة 1948 بحق الشعب الفلسطيني الأنموذج الصارخ للعوج الدولي، ولمحاولة عصبة من أشرار العالم والمتحكمين فيه إلى نزع شعب أعزل من دياره وتمكين قوم من المعتدين الغرباء فيه.

 

وبينما الجرح الفلسطيني الغائر لا يزال يثعب دماً، وبينما شرفاء العالم يتطلعون إلى حل للقضية الفلسطينية يعيد الحق إلى صاحبه؛ طلع علينا الرئيس الأمريكي ترامب بقراره العدمي المتغطرس بإسقاط صفة (الأرض المحتلة) عن مدينة القدس، وبتقديمها مرة أخرى هدية ممن لا يملك إلى من لا يستحق، في صورة مكرورة لسياسات الغطرسة والإثم التي ما تزال تنفّذ على شعوب العالم الإسلامي من فلسطين إلى سورية إلى العراق إلى اليمن إل أفغانستان إلى أراكان.

 

ثم ليشهد العالم في إطار الجريمة المتراكبة، ردة الفعل الهمجية للكيان الصهيوني المغتصب للأرض، الدخيل على المنطقة، باستخدام آلة القتل ضد الشعب الفلسطيني المحتج سلميا على اغتصاب أرضه، والعدوان على مقدساته مما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء في يوم واحد.

 

إنّ جماعتنا جماعة الإخوان المسلمين في سورية، وانطلاقاً من ثوابت أمّتنا الشرعية والتاريخية تؤكد..

 

تمسّكها بالحق الفلسطيني كاملاً غير منقوص. وتؤكد أن القوة والغطرسة لا تعدم حقاً ولا توجده مهما طال الزمان.

 

ترى جماعتنا في السياسات الدولية وفي قرار ترامب استهتاراً بالقانون الدولي الذي نص على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم أولاً، كما أكدت على ضرورة عودة الأراضي المحتلة سنة 1967 إلى أصحابها الشرعيين، وفي مقدمتها مدينة القدس، قبلة المسلمين الأولى، ومسرى نبيهم صلى الله عليه وسلم.

 

وترى جماعتنا في استهتار قوى الهيمنة العالمية وفي مقدمتها الدولتان الأعظم الولايات المتحدة وروسية بالقانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان مدخلات غير حميدة لعلاقات إنسانية لا تخدم قضايا السلم والأمن الدوليين التي ما وجدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلا لحمايتها.

 

وإذا كان للعاقل من عبرة فإنّ كل العقلاء يتابعون أنّ الجيل الفلسطيني الثالث من أبناء النكبة الفلسطينية هو الجيل الأقدر على نصرة قضيته والدفاع عنها، وإن معارك الشعوب لا تحسم بعقد ولا عقدين.

 

وإنّ جماعتنا مع تحميلها المجتمع الدولي بكلّ أطره تداعيات الجريمة التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني، بكلّ أبعادها الإنسانية والسياسية فإنها تنظر بإشفاق وريبة إلى دور جامعة الدول العربية، محمّلة إياها المسئولية التاريخية عمّا يقع على شعوب العالم العربي من ظلم وعدوان وفي مقدمة ذلك ما يعانيه الشعب الفلسطيني الشقيق من رهق الاحتلال الاستيطاني الصهيوني وما يعانيه الشعبان العراقي والسوري من رهق الاحتلال الصفوي الاستيطاني الطائفي.

 

إنّ عبارات الإدانة والشجب والاستنكار لا توفي الجريمة البشعة التي كرّسها قرار الرئيس ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الغاصب حقها. وإنّ الحق الذي لا مرية فيه أنه لن يضيع حق وراءه مثل أبناء الشعب الفلسطيني دفاعاً وحفاظاً وجهاداً واستبسالاً.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

جماعة الإخوان المسلمين في سورية

29 شعبان 1439

15 أيار/مايو 2018

إخوان سورية